للتَّوكيدِ، ولهذا لو قُلتَ في غَيرِ القُرآنِ العَزيزِ لو قُلتَ: غَيرَ المَغضوبِ عليهم الضَّالينَ، لاستَقامَ الكَلامَ، فإذا قال قائِلٌ: هل هُناكَ تَرجيحٌ؟ قُلنا: المفسِّر رَجَّح المَعنى الأَوَّلَ وهو: أنَّ الحَسناتِ لا تَتَساوى والسَّيِّئاتِ لا تَتَساوى. وبَعضُهُم رَجَّحَ الثَّانيَ؛ لأنَّه قال:{فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ} إلخ.
ولو قيل بالمَعنيينِ جَميعًا لم يَكُنْ هُناكَ بَأسٌ، وذلك أنَّ الآيَةَ إذا كانت تَحتمِلُ مَعنَيينِ على السَّواءِ وهما لا يَتَنافيانِ، فإنَّها تُحمَلُ عليهما جَميعًا، هذه قاعِدَةٌ في أُصولِ التَّفسيرِ.
{الْحَسَنَةُ} هي ما يَحسُنُ ذِكرُهُ {السَّيِّئَةُ} هي ما يَسوءُ ذِكرُه، هذا التَّفسيرُ العَامُّ للحَسَنَةِ وللسَّيِّئةِ.
يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{ادْفَعْ} السَّيِّئَةَ {بِالَّتِي} أي بالخِصلَةِ الَّتي {هِيَ أَحْسَنُ}] إلى آخِرِه.
أفادَنا رَحِمَهُ اللَّهُ أنَّ (الَّتي) صِفةٌ لمَوصوفٍ محَذوفٍ؛ أي: بالخِصلَةِ الَّتي هي أَحسَنُ مِنَ السَّيِّئَةِ، فإذا قال قائِلٌ: السَّيِّئَةُ ليس فيها حُسنٌ، فكيف يَقولُ: أَحسَنَ مِنَ السَّيِّئَةِ؟ قُلنا: إِنَّ اسمَ التَّفضيلِ قد يَأتي وليس في الطَّرَفِ الآخَرِ منه شَيءٌ، كما في قَولِه تَعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}[الفرقان: ٢٤] مع أنَّ أصحابَ النَّارِ ليس في مُستقَرِّهم خَيرٌ ولا في مَقيلِهم خَيرٌ.