عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: ٤٠] اللهُ أكبرُ! في الحالِ وَجَدَه أَمامَه: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل: ٤٠] و (الفاء) تَدُلُّ على التَّرتيبِ والتَّعقيبِ، ثُمَّ قال: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ}، ولم يَقُلْ فلمَّا رآه عِندَه، {مُسْتَقِرًّا} كأنَّه وَضَع في هذا المَكانِ مِن سنواتٍ مُستقِرًّا، {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي}، الآنَ حَضَرَ مِن هناك بلَحظَةٍ، يَعني: كأنَّ العَرشَ مثلًا على يَمينِك فنَقلتَه على يَسارِك بل أدنى، وهذا أشدُّ، قال أهلُ العِلمِ: لأنَّ هذا دَعا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فحَمَلَته المَلائكَةُ، والمَلائكَةُ أقوى مِن الجِنِّ، وهذا لا شكَّ فيه أنَّهم أَقوى مِنَ الجِنِّ.
مسألةٌ: يَقولون عنِ السِّحْرِ أنَّه عِلمٌ ويَستدِلُّون بهذه الآيَةِ: {الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل: ٤٠] فكيفَ نَرُدُّ على هَؤلاءِ النَّاسِ؟
فالجَوابُ: نحنُ نَقولُ: السِّحْرُ عِلمٌ، أليس اللهُ تَعالى قال عَنِ المَلَكينِ: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: ١٠٢]، لا إِشكالَ هُنا أنَّه عِلم، أمَّا استِدلالهُم بهذه الآيَةِ فلا، ليس بصَحيحٍ، يَعني: كأنَّهم يُريدون أنَّ هذا الَّذي عِندَه عِلمٌ بالكِتابِ ساحِرٌ، وقد قال تَعالَى: {عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ}، وما قال عِلمٌ مِنَ السِّحْرِ، ثُمَّ إنَّ السِّحرَ لا يُمكنُ أن يُغيِّرَ الحَقائقَ، السِّحرُ يُخيِّلُ الأشياءَ، إمَّا أن يَجعلَ المَسحورَ يَرى السَّاكنَ مُتحَرِّكًا أو المُتحرِّكَ ساكنًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute