يَعني: أيُّ إنسانٍ يَقولُ: يا أللهُ يَجِدُ قَلبَه يَتَّجهُ إلى السَّماءِ، وكَلمَةُ (عارف) اصطِلاحٌ صوفيٌّ، العارِفُ عِندَهم هو العالِمُ الواسعُ العِلمَ، العابِدُ الكَثيرُ العِبادةَ.
فصَرَخَ أبو المَعالي وجَعَلَ يَضرِبُ على رَأسِه وَيقولُ: حَيَّرني الهَمَذانيُّ حَيَّرني الهَمَذانيُّ (١)، وعَجَز أن يَرُدَّ على هذا.
فنحن نَقولُ والحَمْدُ للهِ: إنَّ العُلوَّ أمر لا غُموضَ فيه ولا إِشكالَ فيه، ولا يُنكِرُه إلَّا شَخصٌ مَغموسٌ -والعِياذُ باللهِ- بالبِدعَةِ، ونحن نَرى أنَّه كافرٌ وأنَّه لا تَنفَعُه صَلاةٌ ولا صَدقةٌ ولا صيامٌ ولا حَجٌّ ولو مات ما صلَّينا عليه.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ المَلائكَةَ مُستغرِقون الزَّمنَ كُلَّه في العِبادَةِ؛ لقَولِه:{يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، و (الباءُ) وإن كانت بمَعنَى (في) الَّتي للظَّرفِيَّةِ لكن فيها نَوعٌ مِنَ الدَّلالَةِ على الِاستِيعابِ، كما قال اللهُ تَعالى في آيةٍ أُخرى:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء: ٢٠].
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: بَيانُ قُوَّةِ المَلائكةِ؛ لقَولِه:{وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} أي: لا يَمَلُّون ولا يَتْعَبون مِمَّا يَدُلُّ على قُوَّيهم.
والأَدلَّةُ على قُوَّتِهم كَثيرةٌ منها قِصَّةُ سُليمانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حين جاءَه الهُدهُدُ بخَبَرِ مَلِكةِ سَبأٍ أنَّ لها عَرشًا عَظيمًا، فقال سُليمانُ: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} وكان له وَقتٌ محُدَّدٌ يَقومُ فيه: {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}[النمل: ٣٨ - ٣٩] جِنِّيٌّ يَأتي به مِن أقصى اليَمَنِ إلى الشَّامِ وهو واحدٌ وَيقولُ: إنِّي عليه لقَوِيٌّ يُؤكِّدُ قُوَّتَه أمينٌ لن أَخونَ فيه: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ