قال اللهُ تَعالى:{أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} يَعني بَعدَ هذا الإنذارِ والتَّهديدِ والوَعيدِ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} وهذه الجُملَةُ أيضًا تُفيدُ التَّهديدَ بِلا شَكٍّ، يَعني: اعمَلوا ما شِئتم مِنَ الخَيرِ أو مِنَ الشَّرِّ، {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
إذن {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} ليست إِباحةً أنَّ الإنسانَ يَعملُ ما شاءَ كما يَدَّعي هَؤلاءِ أنَّ الحُرِّيَّةَ أن تَعمَلَ ما شِئتَ، عندَ هؤلاءِ الكُفَّارِ أنَّ الإنسانَ حُرٌّ في دينِه، يَدينُ بما شاءَ، حُرٌّ في أخلاقِه، يَتَخَلَّقُ بما شاءَ، حُرٌّ بأعمالِه يَعمَلُ ما شاءَ، هكذا عِندَهم، ونحن نَقولُ: لا، الحُرِّيَّةُ المُطلَقَةُ هي الرِّقُّ المُطلَقُ؛ لأنَّك إذا تَحَرَّرت من قُيودِ الشَّرع تَقَيَّدت بقُيودِ الشَّرِّ، ولهذا يَقولُ ابنُ القَيِّمِ في النُّونيَّةِ (١):