وفي قَولِه:{أَفَمَنْ يُلْقَى} هذا نَتيجَةُ قَولِه: {لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} إذن فالمَعنَى لا يَخفَونَ علينا وسنُلقيهم في النَّارِ، يَعني: هذه هي النَّتيجَةُ، وأخبِروني:{أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} والجَوابُ أنَّ النَّاسَ بصَوتٍ واحدٍ سيَقولونَ مَن يَأتي آمِنًا يومَ القيامَةِ هو الخَيرُ.
وقَولُه:{أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ}{يُلْقَى} يُفيدُ هذا أنَّ أهلَ النَّارِ والعِياذُ باللهِ إذا وَردوها لا يَدخُلوها طائِعينَ ولا مخُتارينَ، ولكنَّهم يُلْقَون إِلقاءً كما يُلقى الحجَرُ مِن على الجَبَلِ، قال اللهُ تعالى:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا}[الملك: ٨]، وقال تَعالى:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور: ١٣]؛ لأنَّهم لا يُريدون أن يَذهَبوا، ولكن قد ثَبَتَ أنَّ النَّارَ تمُثَّلُ لهم كالسَّرابِ فيَأتونَ إليها سِراعًا، نَقولُ: لا مُنافاةَ هي تُمَثَّلُ لهم كالسَّرابِ وهم يُريدون الشُّربَ فيَأتونَ إليها سِراعًا، فإذا وَصَلوا إليها وعَرَفوا أنَّها النَّارُ فهُم حينَئِذٍ يَقِفونَ ثُمَّ يُدَعُّون إلى نارِ جَهنَّمَ دعًّا - أعاذَنا اللهُ وإيَّاكم منها -، ثُمَّ يُلقَون فيها إلقاءً.
وقَولُه:{خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وهم المُؤمِنونَ الَّذين لا يُلحِدون في آياتِ اللهِ هَؤلاءِ يَأتونَ يَومَ القيامَةِ آمِنين، قال اللهُ تَعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ}[الأنعام: ٨٢] في الدُّنيا والآخِرَةِ.