للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُعالجِونَ بِالتَّخيِيلِ يَضعُ القَارئُ يَدَه عَلَى رَأسِ الإِنسانِ ويَقولُ: غَمِّضْ عَينَيك، مَاذا تَرى؟ يَقولُ: أَرى كَذا وكَذا. يَقولُ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ فَيَقولُ: أَتَّهمُ فُلانًا.

هَذهِ طُرُقٌ غَريبةٌ تَحتاجُ إِلَى دِراسةِ أَحوالِ هَؤلاءِ القارِئينَ ومَعرفةِ كَيْف يَتوصَّلونَ إِلى هَذا، وَمِنْ أَين جَاءَهم؟ ! .

ثمَّ قال اللهُ تَعالى: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} نَسألُ اللهَ العَافيةَ! .

قَولُه تَعالَى: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} مُبتدأٌ {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} مُبتدأٌ وخَبرٌ، والجُملةُ خَبرُ المُبتدأِ الأوَّلِ الَّذي هو: {وَالَّذِينَ} يعني: كأنَّه قال: هو للَّذينَ آمَنوا هُدًى وشِفاءٌ، وأَمَّا الَّذين لا يُؤمنونَ فَفي آذَانِهم وَقْرٌ لا يُؤمنونَ بِاللهِ ولا بِالرُّسلِ وَلا بِالكُتبِ هَؤلاءِ: {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [ثِقْلٌ]؛ لأَنَّ الوَقْرَ بِمَعْنى الحِمْلِ الثَّقيلِ، قَالَ اللهُ تَعالى: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: ٢]، يَعْني: السَّحابَ تَحْمِلُ الماءَ الكثيرَ، فَعَلى هَذا يَكونُ {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} أي: ثِقْلٌ وصَمَمٌ فَلا يَسمعونَ وَالعياذُ بِاللهِ.

{وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} فَلا يُبصِرونَ، فَصارتْ مَنافذُ الفَهْمِ عِندَ غَير المُؤمِنينَ مَسدودةً لا يَسمَعونَ ولا يُبصِرونَ، فَلا يَصِلُ هُدَى القُرآنِ إِلَى قُلوبِهم: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}.

فَإِذا قَالَ قائلٌ: كيفَ يَكونُ الكَلامُ الواحدُ لِقَومٍ هُدًى وشِفاءً ولِآخرينَ عَمًى وضَلالًا، قُلنا: هَذا بِحَسَبِ ما في القَلبِ؛ لأنَّ الله قَالَ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، ونَحنُ نَرى الغِذاءَ الحِسِّيَّ يَكونُ لِقومٍ غِذاءً وَشِفاءً، ويَكونُ لِآخَرينَ

<<  <   >  >>