للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العَملِ الصَّالِحِ، وكَثيرٌ مِن إِخوانِنا الَّذين يَعمَلون بهَذه البِدَعِ تَجِدُهم يَبكون ويَخشَعون وتَلينُ قُلوبُهم، ولَهم مِنَ البُكاءِ ما لا يَكونُ عِندَ المُخلِصينَ المُتَّبِعينَ، فَهؤلاءِ نَقولُ لَهمْ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٣ - ١٠٤]، فَلا يَخدعنَّكَ هذا الشَّيءُ الَّذي يَقَعُ مِنهم؛ لأنَّ هَذا مِنْ إِغْواءِ الشَّيطانِ لَهمْ وغُرورِه إِيَّاهمْ.

فإِنْ قال قائلٌ: قولُه تَعالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} هل يُقصَدُ به قَولُه بَعدَه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ}؟

فالجَوابُ: أنَّ كلَّ مَنْ عَمِلَ عَملًا سَيِّئًا وهو يَظنُّ أَنَّه مُحسنٌ داخلٌ في الآيةِ وإِنْ كانَ بَعدَها قَولُه تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ}، لَكنَّها تَشملُ حتَّى غَيرَهُمْ.

فإِنْ قَالَ قائلٌ: هَل نتَّبعُ مثلَ هَذا السَّبيلِ الَّذي ذُكِرَ في الآيةِ؟

فالجَوابُ: نَعَمْ نَتَّبعُ هَذا فَنَحكُمُ عَلى ما ثَبَتَ قُبحُه بِعَمَلٍ مُعَيَّنٍ أَنْ يُشارِكَه ما وافقَه في العِلَّةِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّهُ لا يُمكنُ أَنْ يَصِلَ ثَوابُ العَمَلِ الصَّالِحِ إِلَى الغَيرِ لِقولِه: {فَلِنَفْسِهِ}، وبهَذا أَخَذَ أَكثرُ العُلماءِ وَقالوا: إِنَّ الميِّتَ لا يَنتفعُ إِلَّا بِعَمَلِ وَلَدِه فَقَطْ، أَمَّا غَيْرُهُ فَلا، يَعْني: لَو أنَّك اعْتمرْتَ لِصَديقٍ لَك مَيِّتٍ أو حَيٍّ لا يَستطيعُ العُمرةَ، فإِنَّ ذلكَ لَا يَنفَعُه؛ لأنَّ {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} لا يَتعدَّى غَيرَه، وما جاءتْ به السُّنَّةُ مِن صيامِ المَرأةِ نَذْرَ شَهرٍ على أُمِّها (١) أو حَجِّها عَن أَبيها الَّذي لا يَثبتُ على


(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٣٣٨)، والنسائيُّ: كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر أن يصوم ثمَّ مات قبل أن يصوم، رقم (٣٨١٦)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفيه: عن أختها.

<<  <   >  >>