للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّاحلةِ (١)، فهَذا إِنَّما وَقَعَ مِن الوَلَدِ، وقَدْ قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَطيبَ ما أَكَلتم مِن كَسبِكم وإنَّ أَولادَكُمْ مِنْ كَسبِكم" (٢).

فالعملُ مِن كَسبِ الأبِ وَالأُمِّ، وهو جُزءٌ مِنْ أَبيه كَما قال النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم -: "فاطمَةُ بِضعةٌ منِّي يَريبُها ما رابَني" (٣)، قال ذَلكَ عَلى المِنبرِ، وأَشارَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في هَذا الحديثِ - وَهو حَديثٌ طَويلٌ - إِلى التَّنديدِ بِعليِّ بنِ أَبي طالبٍ - رضي الله عنه -، وأَثنى على أَبي العاصِ بْنِ الرَّبيعِ زَوْجِ ابْنتِهِ زَيْنبَ فَقال: "حَدَّثَني فَصَدَقَني ووَعَدَني فوَفَّاني"، وانْتَقدَ عَليًّا؛ لأنَّه قيلَ: إِنَّه أَراد أَنْ يَتزوَّجَ بِنتَ أَبي جَهلٍ، فَقامَ الرَّسولُ وخَطَبَ النَّاسَ وَقال: "فاطمةُ بِضعةٌ مِنِّي يَريبُها ما رابَني"، وتَكلَّم بِكلامٍ غليظٍ، لكن عَليَّ بنَ أَبي طالبٍ - رضي الله عنه - عَدَلَ عَنْ هَذا الأمرِ لمَّا رَأَى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَليه وعَلى آله وسلَّم - مُتأثِّرًا هَذا التَّأثُّرَ، وأنَّه لا يُمكنُ أَنْ يَجمعَ بَينَ بِنتِ نَبيِّ اللهِ وبَين بِنتِ عَدوِّ اللهِ، يَعني: هَذا يَكونُ مُتحدَّثَ النَّاسِ.

ونَحنُ نَقولُ: إِنَّ بَعضَ أَهلِ العِلمِ أَخَذَ بما يُفيدُه ظاهرُ هذه الآيةِ، وَقال: لَا يَنفعُ العمَلُ لِأيِّ إِنسانٍ نَويْتَه إِلَّا مِنَ الوَلَدِ، ولَكِنَّ كثيرًا مِنَ العُلماءِ قَالَ: بَل إِنَّ


(١) أخرجه البخاري: كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، رقم (١٥١٣)، ومسلم: كتاب الحج، باب الحج عن العاجز رقم (١٣٣٤)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ١٦٢)، وأبو داود: كتاب البيوع، باب في الرجل يأكل من مال ولده، رقم (٣٥٢٨)، والترمذي: كتاب الأحكام، باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده، رقم (١٣٥٨)، والنسائيُّ: كتاب البيوع، باب الحث على الكسب، رقم (٤٤٤٩)، وابن ماجه: كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، رقم (٢٢٩٠)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٣٧٢٩)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي -عَلَيْهَا السَّلَامُ -، رقم (٢٤٤٩)، من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>