للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغُرورُ الثَّالثُ: أنَّه علي فَرْضِ أَنَّ السَّاعةَ قائمةٌ فَسيَجدُ عندَ اللهِ ما هو أَحسنُ: {إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}.

فإن قال قائلٌ: هَل للإنسانِ أَنْ يَنْسِبَ الخيرَ إِلي نَفسِهِ وهو يَعترِفُ بِفضلِ اللهِ عليه؟

فالجَوابُ: إِضافةُ العملِ إِلَي النَّفْس جائزةٌ حتَّى إِنَّ الرَّسولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال في عَمِّه أَبي طالبٍ: "لَولا أَنا لكانَ في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ" (١)، لكنَّ الإنسانَ يُضيفُه إِلي نَفسِهِ، كما قال هذا الكافرُ: {هَذَا لِي} هَذا بِعَملي أَوْ أَتاني مِنَ اللهِ لأنِّي مُستحِقٌّ له، هَذا لا يَصلُحُ.

قال اللهُ تعالى: {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} {فَلَنُنَبِّئَنَّ} أي: نُخبرنَّ، والفاءُ عاطفةٌ واللَّامُ مُوطِّئةٌ للقَسَمِ المَحذوفِ، والتَّقديرُ: فَواللهِ لَنُنبِّئنَّ.

إِذن الجُملةُ مُؤكَّدةٌ بثَلاثةِ مُؤكِّداتٍ {فَلَنُنَبِّئَنَّ} المؤكِّدُ الأوَّلُ القَسَمُ، والثَّاني: (اللَّامُ)، والثَّالثُ: نونُ التَّوكيدِ في قَولِه: {فَلَنُنَبِّئَنَّ} وَالضَّميرُ في قَولِه: {فَلَنُنَبِّئَنَّ} يَعودُ عَلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وعادَ إليه بصيغَةِ الجَمعِ مِن بابِ التَّعظيمِ وَإلَّا فاللهُ إِلهٌ واحدٌ.

{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا} أَيْ: بالَّذي عَمِلوه نُخبرُهم بِذلكَ يَومَ القيامةِ، وكَيفيَّةُ هذا أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحصي أَعمالَهم يَومَ القيامةِ، فَيُنادِي عَليهم على رُؤوسِ الأَشهادِ بِأنَّه قَد أَخزاهُم الله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨].


(١) أخرجه البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٨٨٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، رقم (٢٠٩)، من حديث العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>