والنَّاسُ يَنظُرون (١)، هذا أيضًا شاهِدٌ محَسوسٌ، فَالمُهِمُّ أَنَّ البعثَ دَلَّ عَليه السَّمعُ والعقلُ والحسُّ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ هذا الكافرَ عِندَه مِنَ العَجبِ وَالثِّقةِ بنفسِه علي أَنَّه لَيس له شَيءٌ يَثقُ بِه ما أَمْكنَه أَنْ يَقولَ: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ الإِقرارَ بِالرُّبوبيَّةِ لا يُدخِلُ الإنسانَ في الإِسلامِ؛ لأنَّ هذا المُنكِرَ مُقِرٌّ بِالرُّبوبيَّةِ، يُؤخَذُ من قَولِهِ:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي}.
والمُشركون كانوا مُقِرِّينَ بِالرُّبوبيَّةِ:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف: ٩]، لَكنَّ الإِقرارَ بِالرُّبوبيَّةِ لا يُغني عَنِ الإنسانِ شيئًا، ولقد فَخِرَ بَعضُ النَّاسِ الجُهَّالِ أَنَّ أحدَ رُوَّادِ الفَضاءِ شَهِدَ بِأنَّ لهِذا الكونِ خالقًا لمَّا صَعَدَ في الفضاءِ، ورَأي الأرضَ وَرَأى ما حولَه مِن الآياتِ شَهِدَ بأنَّ لها خالقًا، فَصارَ بَعضُ النَّاسِ الجُهَّال يُطَنْطِنُ علي إثباتِ أنَّ للكونِ خالقًا بِشهادةِ هذا الرَّجُلِ الكافرِ.
وهذا -حَقيقَةً- يَدُلُّ علي ضَعفِ إِيمانِه؛ لأنَّ خَبرَ اللهِ ورَسولِه عَنْ ذَلك أَصدقُ وأَوجبُ لِلإيمانِ، نَعَمْ لو كُنَّا نُجادلُ شخصًا مُنكِرًا لا يُؤمِنُ بِالأديانِ فَنقولُ له: صاحبُك الَّذي هو مِثلُك أَقَرَّ بِأنَّ لِلكونِ خالقًا رُبَّما يَنفعُ، فَيكونُ هَذا مِن بابِ إقامةِ حُجَّته عليه، لَكنْ نَجعلُ هذا حُجَّةً مُطلَقةً، فيه نَظرٌ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: التَّأكيدُ على أنَّ هؤلاءِ الكافرينَ سوف يُخبَرونَ بما عَمِلوا؛ لِقولِه:{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا} وَيكونُ هذا يَومَ القيامةِ.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الفتن، باب لا يدخل الدجال المدينة، رقم (٧١٣٢)، ومسلم: كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، رقم (٢٩٣٨)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.