للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ الرَّحمةَ إِنَّما هي مِن اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لا يَستطيعُ الإِنسانُ أَنْ يَجلِبَ لِنفسِه نَفعًا ولا أَنْ يَدفَعَ عَنْهَا ضَررًا، بل ذلك إلى اللهِ، ولكنَّ اللهَ قَد جَعَلَ لِكُلِّ شيءٍ سببًا، فَللرَّحمةِ أَسبابٌ ولِلعذابِ أَسبابٌ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: بَيانُ حالِ هذا الإِنسانِ الَّذي إِذا أصابتْه الرَّحمةُ والخَيرُ: {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} ثُمَّ ادَّعَى دَعوَةً أُخرى أَنَّه لَو رَجعَ إِلي اللهِ لَوَجَدَ عِندَه خَيرًا من ذلك، مع أَنَّه يُنكِرُ قيامَ السَّاعةِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَهديدُ مَنْ هَذهِ حَالُه بِأنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَوف يُقَرِّرُه بِذنوبِه ويُذيقُه مِنَ العَذابِ الغَليظِ لِقولِه: {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ الإظهارَ في مَوضعِه خَيرٌ مِنَ الإضمارِ يَعني: إِذا دارَ الأمرُ بَينَ أَنْ تَأتيَ بِضميرِ المُتحدِّثِ عَنه أو بِاسْمٍ ظاهرٍ، فَإنَّ الأصلَ أَنْ تَأتيَ بِالضَّميرِ، لكن إِذا صارَ هناك فائدةٌ في الإِظهارِ في مَوضعِ الإِضمارِ فَهو أَوْلَى وأَحْسَنُ، الإِظهارُ في مَوضعِ الإِضمارِ في قَولِه: {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وَلو أَضْمرَ لقالَ: فَلَنُنَبِّئنَّهُمْ، لكنَّه أَظْهَرَ في مَوضِعِ الإِضمارِ، والإِظهارُ فِي مَوضعِ الإِضمارِ، ذَكَرْنا أَنَّ فيه أَربعَ فَوائدَ:

١ - بَيانُ الصِّفَةِ أَو الوَصْفِ الَّذي اسْتحقَّ مِن أَجْلِه أَنْ يُعاقَبَ بِهذه العُقوبةِ.

٢ - بَيانُ العُمومِ، يَعني: أَنَّ هذا الوعيدَ ليس لهِذا الرَّجُل وَحدَه بَل لكُلِّ كافرٍ، هذا بِالنِّسبةِ لِهذه الآيةِ.

٣ - انْتباهُ المُخاطَبِ؛ لِأنَّ الكلامَ إِذا كانَ على نَسَقٍ واحدٍ بضمائرِه ومُظهَراتِه، فإنَّ الإِنسانَ لا يَنتبهُ لكن إِذا جاء شيءٌ يُخرِجُ الكلامَ عَن سياقِه، فَإنَّه لابُدَّ أنْ يَنْتبِهَ.

<<  <   >  >>