الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: إِثباتُ العذابِ في الآخرةِ: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} فَهلْ هناك عَذابٌ قَبلَ الآخرَةِ؟
الجوابُ: نَعَمْ، يُعذَّبُ الإِنسانُ في قَبرِه قَبْلَ أَنْ يُبعثَ، وَهذا ثابتٌ بِالقُرآنِ وَالسُّنَّةِ اسْتَمِعْ إِلَيهِ في القُرآنِ قالَ اللهُ تَعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: ٩٣]، فَقوُله: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} يَدلُّ على أَنَّهم شَحيحونَ بِأنْفسِهم لا يُريدونَ أَنْ تَخرُجَ ولهذا يُقالُ: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} تَوبيخًا، ثُمَّ يُقالُ لَهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} أي: يَومَ مَوتِكم: {تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} وهَذه نَصٌّ في إِثباتِ عَذابِ القبرِ.
وقال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَن آلِ فِرعونَ: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} [غافر: ٤٦].
وأَمَّا السُّنَّةُ فَطافِحةٌ في ذَلكَ وكَثيرةٌ، ومِنها ما أَجمعَ المُسلمونَ عَليه، فَكُلُّ المُسلمينَ يَقولون في الصَّلاةِ: أَعوذُ بِاللهِ مِنْ عَذابِ جَهنَّمَ ومِن عَذابِ القبرِ، وهل يُتصوَّرُ أنَّ أحدًا يَتعوَّذ مِن شيءٍ إِلَّا وهو يُؤمنُ بوجودِه! لا يُتصوَّرُ.
إِذَنْ: فَعذابُ القَبرِ ثابتٌ بِالقرآنِ والسُّنَّة وَالإجماعِ، وعليهِ فَيكونُ العَذابُ المَذكورُ في قولِه: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} هو عذابُ الآخرةِ، وهو أَشدُّ مِن عَذابِ القبرِ، أَجارنا اللهُ وإِيَّاكم مِن ذلك.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ مِن عِبادِ اللهِ مَن لا يَشكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ولا يَعْترفُ له بِالفَضلِ، فَإِذا جَاءته الرَّحمَةُ بَعْدَ الضَّرَّاءِ ادَّعى أَنَّ هذا بِعمَلِه وأَنَّه مَحقوقٌ به وأَهلٌ له؛ لِقولِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} .. إلخ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute