أَسقِط بِرَبِّكَ تَقولُ: أَوَلَم يَكفِ أَنَّ اللهَ علي كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ، يَستَقيمُ، لَكن لا شَكَّ أَنَّ القُرآنَ الكَريمَ لا يُمكنُ أَن يُوجِدَ بَدلًا ومُبدلًا مِنهُ إِلَّا لفائدةٍ عَظيمةٍ، فيَكونُ: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} شَهادَةً ونُصرةً وتَثبيتًا وما أَشبهَ ذَلِكَ، ثُمَّ قالَ: {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} هَذا بَعضٌ مِن مُقتَضَى رُبوبيَّتِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.
يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بَدَلٌ مِنه أي: أَوَلَم يَكفِهِم في صِدقِكَ أَنَّ رَبَّك لا يَغيبُ عَنه شَيءٌ ما؟ ]، والشَّهادَةُ هُنا نَوعُها فِعليَّةٌ، يَعني: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وَقَد مَكَّنَ لَكَ في الأَرضِ وَثَبَّتك ونَصَرَك عَلَيهِم وعلى كُلِّ عَدوٍّ لَكَ؟
والجَوابُ: بَلَى، واللهِ إِنَّ هَذا لَكافٍ، وهذا كقولِه تَعالَى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠)} [العنكبوت: ٥٠] بَعدَها: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ٥١] الكِتابُ أَعظمُ آيةً شَهادَةٌ مِنَ اللهِ عَلي صِدقِ رَسولِه.
ثُمَّ قالَ اللهُ تَعالَى: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ} {أَلَا} أَداةُ استِفتاحٍ وتُفيدُ شَيئينِ:
الشَّيءَ الأَوَّلَ: التَّوكيدَ.
والشَّيءَ الثَّانيَ: التَّنبيهَ {أَلَا} وهي غَيرُ مُركَّبةٍ بَل هي كَلمةٌ واحدَةٌ.
يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ} شكٍّ {مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ} لِإنكارِهِم البَعثَ]، فَهُم والعياذُ بِاللهِ في شَكٍّ مِن لِقاءِ اللهِ ولَو كانوا يَرجونَ للهِ لِقاءً لاستقاموا وخافوا مِنه، كُلُّ إِنسانٍ يُؤمِنُ بِأَنَّه مُلاقٍ رَبَّه، فَإِنَّه سوف يَستقيمُ علي أَمرِ اللهِ؛ لِأنَّه يَعلمُ أَنَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ سوف يُحاسِبُه علي هذا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute