للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١ - شَهادَةٌ قَوليَّةٌ.

٢ - وشَهادةٌ فِعليَّةٌ.

أَمَّا الشَّهادَةُ القوليَّةُ فَدَليلُها قَولُه تَعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)} [النساء: ١٦٦] هذه شَهادَةٌ مِنَ الله.

أَمَّا الشَّهادَةُ الفِعليَّةُ فَهي تَمكينُ اللهِ تَعالَى لمُحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - في الأرضِ ونَصرُه إيَّاه وغَلَبةُ دينِهِ عَلي جَميعِ الأديانِ.

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} فاعلُ يَكفي] والباءُ مَزيدَةٌ فيهِ لِتَحسينِ اللَّفظِ ونَظيرُها: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} أي: وَكَفَي اللهُ شَهيدًا، وعلى هَذا فَنَقولُ في إِعرابِها: الباءُ حَرفُ جَرٍّ زائِدٌ إِعرابًا فائدَتُه تَحسينُ اللَّفظِ، ورَبُّ فاعلُ يَكفي مَرفوعٌ بِضَمَّة مُقدَّرةٍ عَلي آخِرِه مَنَعَ مِن ظُهورِها حَرفُ الجَرِّ الزَّائدِ.

وقولُه: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} أَضافَ الرُّبوبيَّةَ لِلرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وهذا لِلتَّشريفِ والتَّكريمِ؛ لِأنَّه رَبُّ كُلِّ شَيءٍ.

وانظُر إلي قَولِه تَعالَى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} [النمل: ٩١]؛ لِئَلَّا يَظُنَّ الظَّانُّ أنَّ الرُّبوبيَّةَ خاصَّةٌ بِهذه البَلدَةِ، كَذلِكَ أَيضًا إِضافَةُ الرُّبوبيَّة إلي الرَّسولِ مِن بابِ التَّشريفِ والتَّكريمِ، والإِشارَةُ إلى أَنَّه سَوفَ يَنصُرهُ على عَدوِّه؛ لِأنَّ رُبوبيَّةَ اللهِ لِلرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رُبوبيَّةٌ خاصَّةٌ.

وقَولُه تَعالَى: {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بَدلٌ مِن قَولِه: {بِرَبِّكَ}. والبَدلُ يَقولونَ في تَعريفِه: هو الَّذي إِذا أَسقطتَ المُبدَلَ مِنه استَقامَ الكلامُ. تَقوُل: أَعجبَني زَيدٌ خُلُقُه هَذا بَدَلٌ، أَسقِط زَيدًا: أَعجَبني خُلُقُ زَيدٍ. أَكَلتُ الرَّغيفَ ثُلُثَهُ: أَسقِطِ الرَّغيفَ، وَيستَقيمُ الكَلامُ، هَذا رابطُ البَدلِ، وهُنا نَقوُل: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ}

<<  <   >  >>