للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَتبيَّنُ أَنَّه الحَقُّ في كُلِّ شَيءٍ في كَونه يَغلِبُ ولا يُغلَبُ، وفي كَونِ أَحكامِه عَدلًا وأَخبارِه صِدقًا وغَيرِ ذلك.

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [فيُعاقَبونَ علي كُفرهِم بِه]، أَفادنا المفسِّر رَحِمَهُ اللهُ أنَّ المُرادَ بِالتَّبيُّنِ هُنا لازَمَه وهو المُعاقَبَةُ؛ لِأنَّه لَو كانَ المُرادُ التَّبَيُّنَ فقط بِدونِ عِقابٍ عَلي مخُالفتِه بَعدَ التَّبيُّنِ لَم يَكنْ هُناكَ فائدةٌ، وَمن ذَلكَ أَيضًا -أَي مِن كَونِه يُطلَقُ البَيانُ أَوِ العِلمُ ويُرادُ بِه اللَّازِمُ- قَولُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦)} [الزلزلة: ٦] أَي: ليرَوها ويُجازَوا عَليها، وهذه الآيةُ أَيضًا {يَتَبَيَّنَ} فَيُعاقَبونَ علي كُفرِهم به.

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [وبِالجائي به] الجائي بِهِ الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم -.

قال اللهُ تَعالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} لمَّا بَيَّنَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أَنَّه سَيُظهرُ الآياتِ حتَّى يَتبَيَّنَ أنَّ هَذا القُرآنَ حَقٌّ وأَنَّ محُمَّدًا حَقٌّ ذَكَرَ شيئًا أَعظمَ دَلالَةً على أَنَّ القُرآنَ حَقٌّ، وعلى أنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ، إِنَّه هو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ولهِذا قالَ: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}؟

والجَوابُ: بَلَي يَكفي ذَلِكَ؛ لِأنَّ اللهَ تَعالَى إِذا رَأَى هذا الرَّجلَ يَدعو النَّاسَ إلي ما يَدعوهم إِلَيه ويُقاتِلُهم بِهِ ويَنصُره اللهُ عَليهِم ويُمكِّنُ له في الأرضِ ويَتَّبِعُهُ النَّاسُ هَل يُمكنُ أن يُقِرَّ اللهُ ذَلِكَ وهو باطلٌ؟

لا يُمكنُ أَبدًا، لا يُمكنُ إِطلاقًا، فَكَونُ اللهِ تَعالى يُمَكِّنُ لِرسولِه - صلى الله عليه وسلم - في الأرضِ، ويَجلِبُ قُلوبَ النَّاسِ إِليهِ ويَنصرُه عَلي أَعدائِهِ ويَفتَحُ بِدينِه آفاقَ الشَّرقِ والغَربِ، كُلُّ هَذا دَليلٌ عَلي أَنَّه حَقٌّ، وشَهادَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى لِرسولِه نَوعانِ:

<<  <   >  >>