للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليَّ اليومَ بالسُّرورِ فأُسَرُّ، وغَدًا بالسُّوءِ فأَسْتاءُ؛ فيَمْشِي مَع اللهِ مَع قضائه وقَدَرِه، وهَذا هو الَّذي يجِدُ الرَّاحةَ تمامًا.

ولهذا مِن ثمَراتِ الإيمانِ بالقدَرِ: أنَّ الإنْسانَ يَكونُ دائمًا مُطمَئنًّا لَيس به قَلَقٌ ولا حُزْنٌ، وإنْ كان ربَّما في الصَّدمةِ الأولى يجِدُ الإنسانُ الحُزْنَ، لكِن بالتَّصْبِيرِ -تَصْبِير نفسِه- ومُشاهَدةِ القَدَرِ يُسَهِّلُ علَيه الأمْرَ، وإلَّا فمِن المَعلُومِ أنَّ الإنسانَ ليسَ حدِيدًا ولا حِجارةً فَلا يَتَأثَّرُ! لكِنَّه عِندما يُصَبِّرُ نفْسَه ويَحمِلُها يَصبِرُ فيَطمِئنُّ.

فالمهمُّ: أنَّ التَّوحيدَ كلَّه خيرٌ, وكلَّه زَكاةٌ؛ تَزكِية للنَّفسِ وتَطْهيرًا لها.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ المُشرِكين لا يُؤمِنون بالآخِرةِ؛ ولهذا إذا قِيلَ له: وحِّدِ اللهَ تنْجُ مِن عَذابِه، قال: ليسَ هُناك عَذابٌ؛ فيَكفُرون بالآخِرَةِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الإيْمانَ بالآخِرَةِ يدْعُو إلَى التَّوحِيدِ وتحقِيقِه، وهذا حقٌّ وواقِعٌ، فكلُّ إنسانٍ يُؤمِنُ بأنه سَوف يُحشَرُ يومَ القِيامةِ في أرضٍ قاعٍ صفصفٍ، لا يرى فيها عِوجًا ولا أمْتًا، وأنه سيُجازَى على عمَلِه، وكلُّ إنسان عاقِل سَوف يستَعدُّ لهذا اليَومِ؛ ولِذلك يَنْبغي لَنا مَع كَون قُلوبِنا مَع الله عَزَّ وَجلَّ أنْ نتَذكَّرَ السَّاعةَ وقِيامَ النَّاسِ، ولَيس بيْن الإنْسانِ وبين هذِه الحالِ وقْتٌ محُدَّدٌ مَعلُومٌ أبدًا. ولا يَصِلَ إلى هذا إذا مات ومَتى يَمُوتُ ولا يعْلَمُ؛ فقدْ يَخْرجُ الإنسانُ مِن بَيْتِه ولا يَرجِعُ إلَيه، قدْ ينامُ على فِراشِه ويُحمَلُ مَيتًا، قدْ يَركَبُ سيَّارَتَه ولا يَنزِلُ مِنها.

فإذن تَذكَّرْ -يا أخِي- عِنْدما تَستَولي على قلْبِك الغَفْلةُ هذا اليَوْمَ الَّذي تُحشَرُ فيه أنت وسائِرَ الخلْقِ حافيًا عاريًا أغْرَلَ، لَيس عِندَك مالٌ ولا بَنون وَلا أحدٌ يَحمِيك، تَذكَّرْ هَذا! فَإذا تَذَكَّرتَه فَسَوف تَعمَلُ لهذا اليَومِ، وإنَّ إخْوانَك وأوْلادَك وآباءك

<<  <   >  >>