للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: وُجُوبُ الإخْلاصِ للهِ والِاسْتِقامَةِ على دِينه؛ لِقَولِه: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}؛ فـ"استَقِيموا" هَذا الْعَمَلُ، و"إلَيْه" هَذا الإخْلاصُ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: تَهديدُ المُشرِكين؛ لِقولِه: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} , وهَذا النَّوعُ مِنَ التَّهديدِ يَكونُ فيما هُو شِركٌ، وَيكون فيما هُو دُون ذلِك؛ فقَد قال الله تَعالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: ١ - ٢] وَهَؤلاء لَيسُوا بمُشرِكين، يعْني أنَّ عمَلَهم هَذا لا يُوصلُ إلَى الشِّرك، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وْيلٌ لمِن حدَّث فكذَبَ ليُضحِكَ به القَوم، ويلٌ له! ثمَّ ويلٌ له! " (١)، وهَذا أيضًا ليسَ منَ الشِّركِ.

وعَلى هَذا فَلا يُقالُ: إنَّ كلَّ وعِيد كان بهَذه الكَلِمةِ يُفيدُ أنَّ الفِعلَ شِرك، بَل قَد يَكونُ شِركًا أو ما دُونَه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنَّ التَّوحيدَ تَزْكِيةٌ للنَّفْسِ؛ لِقَولِه: {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، ولا شكَّ أنَّ التَّوحيدَ تَزْكِيةٌ للنَّفْسِ؛ لأنك تَقْطعُ العَلائقَ مَع غَيْرِ اللهِ إلَّا فيما يُحبُّ اللهُ.

فالمُوَحِّدُ حقِيقةُ قلْبِه دائمًا مَع اللهِ عَزَّ وجلَّ دائمًا يَتَقلَّبُ في قضائِه الكَونىِّ راضِيًا به كَما يتَقلَّبُ في قضائِه الشَّرعيِّ راضيًا به؛ ولهذا تَجِدُه إذا أصابَته سرَّاءُ شكَرَ ولم يَبْطَرْ، وإذا أصابَتْه ضرَّاءُ صبَرَ ولم يتسَخَّطْ؛ فهو دائمًا مَع اللهِ، يَقولُ لنَفْسِه: أنا عبْدُ اللهِ يَفْعلُ بي ما شاء، أنا عبْدُ اللهِ إنْ أصابَني بالسَّرَّاءِ شكَرْتُ فكان خيْرًا لِي، وإنْ أصابَني بالضَّرَّاءِ صبَرْتُ فكان خيرًا لي، أنا عبْدُ اللهِ لا يُمكِنُ أنْ أُعارِض قضاءَ اللهِ، يَقضي


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢)، وأبو داود: كتاب الأدب، باب في التشديد في الكذب، رقم (٤٩٩٠)، والترمذي: كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس، رقم (٢٣١٥)، من حديث معاوية بن حيدة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>