للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُكفِّرون تاركَ الصَّلاةِ، وقد قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله قَد حرَّمَ على النار مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهِ يَبْتَغي بِذلِك وجْهَ اللهِ" (١) ولَم يَذكُرِ الصَّلاةَ، قُلنا له: بلْ ذَكَرَ الصَّلاةَ وذَكَرَ ما دُون الصَّلاةِ أيضًا في قَولِه: "يَبتَغي بذلِك وجْهَ اللهِ".

ونَحْن نَقُولُ: لا يُمكِنُ بأيِّ حالٍ منَ الأحْوالِ أنْ يكُونَ رجُلٌ يَقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللهَ يَبْتَغي بذَلك وجْهَ الله، أنْ يُحافِظَ على تَرْكِ الصَّلاةِ أبدًا، وإنَّ مَن حاوَلَ أنْ يَجمَعَ بيْن ذلِك وبيْن ترْكِ الصَّلاةِ، فقَد حاوَلَ أنْ يجْمَع بيْن الماءِ والنَّارِ، وهَذا أمرٌ ظاهرٌ.

وسأَضرِبُ مَثلًا -ولله المَثَلُ الأعْلَى-: لو كُنتَ تُريد أنْ تَصِلَ إلَى شخْصٍ منَ النَّاسِ، وتَسْعى بكلِّ وَسِيلةٍ أنْ تَصِلَ إلَيه، هلْ تَفْعلْ ما يحولُ بينَك وبيْن الوُصُولِ إلَيه مِنْ مَعصِيَتِه؟ أبدًا! بلْ تَنْظرُ ماذا يُحبُّ فتفْعَلُه مِن أجْلِ أنْ تصِلَ إلَيْه، ومن أجلِ أنْ يكُونَ مُستقبِلًا لك بالتَّرْحيبِ.

أمَّا أنْ تَقولَ: واللهِ أنا أُحِبُّ فُلانًا وأُحِبُّ أنْ أصِلَ إلَيْه، وفُلانٌ يَقولُ: لا تَمْشِ مَع هذا الطَّرِيقِ، وإذا أرَدْتَ أنْ تأتِي إليَّ فائتِني مَع الطَّريقِ الأيمَنِ؛ فقُلتَ: والله أنا أحِبُّ فُلانًا، وأحِبُّ أنْ أصِل إلَيْه، ولكِن مَع الطَّريقِ الأيسَرِ، فتَمْشي فيه وأنْت تقُولُ: واللهِ أنا أُحِبُّ هذا وأعَظِّمُه، وهُو أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسي. فهَذا كذِبٌ لا شكَّ.

إذَنْ: كلُّ مَن قال: لا إلَه إلَّا الله يَبْتَغي بذلِك وجْه الله، فإنَّه سوْف يَتَحاشى المَعاصِي ولَو صَغِيرة؛ ولهذا جاء حصْرُ الوَحْيِ في هذِه الآيةِ بالتَّوحِيدِ: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وَهُو الله عَزَّ وَجلَّ.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، رقم (٤٢٥)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر، رقم (٣٣).

<<  <   >  >>