للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَثَة الأنبِياء" (١).

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أهميَّةُ التَّوحيدِ؛ حيثُ حُصرَ الوَحيُ بالتَّوْحيدِ؛ قالَ تَعالى: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ} مَع أنَّه يُوحَى إلَيهِ أشْياءُ أُخرَى كالصَّلاةِ والزَّكاةِ وغَيرِ ذَلِك، لكِن لمَّا كانَ أهمُّ ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - التَّوحيدُ حُصِرَ الوحْيُ بِه؛ فقالَ: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء: ١٠٨].

وإنِّي أقُول: مَتى حقَّق الإنْسانُ التَّوحيد فلا بُدَّ أنْ يقومَ بشَرائع الإسلامِ؛ لأنَّه إذا وحَّدَ الله بالقَصْدِ وجَعلَه هو حَياتَه، فلا بُدَّ أنْ يتَّجِه إلَيه، بالطَّرِيقِ الَّذي شرَعَه مُوصِلًا إلَيه؛ ولهذا نَقول: إنَّ حَدِيثَ عَتْبانَ - رضي الله عنه -: "إنَّ الله حرَّم على النَّارِ مَنْ قال لا إلَه إلَّا اللهُ يَبْتَغي بذَلِك وجْهَ اللهِ" (٢)، هُو على ظاهِرِه، فمَنْ قال: لا إلَهَ إلَّا اللهُ يَبْتغي بذلِك وجْهَ الله، فإنَّه محرَّمٌ على النَّارِ، ومُقتَضَى تَحْرِيمِه على النَّار ألَّا يَعْملَ كَبيرَةً تُوجِبُ دُخُولَه النَّارَ، أو تَقتَضي دُخَولَه النَّارَ.

فكلُّ مَن قال: لا إلَه إلَّا الله يَبْتغي وجْهَ اللهِ، فلَن يَعملَ ما يُغضِبُ اللهَ؛ إذْ كيف تُريدُ وَجْهَه ثمَّ تَعمَلُ ما يُغضِبُه؟ ! فإنَّ عملَ ما يُغضِبُه يصُدُّك عنِ الوُصُولِ إلَى وجْهِه، وإذا كانَ يَصدُّك وأنتَ تبتَغِي وجْهَه فلا بُدَّ أنْ تَعدِلَ عنه، إمَّا بالكفافِ مُطْلقًا وإمَّا بالتَّوبةِ مِنْه إنْ وقَعت فِيه. وليُنتبَهَ لهذِه النُّقطةِ؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ يَقولُ لَنا: أنتُم


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ١٩٦)، وأبو داود: كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم (٣٦٤١)، والترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، رقم (٢٦٨٢)، وابن ماجه: كتاب المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم (٢٢٣)، من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، رقم (٤٢٥)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر، رقم (٣٣).

<<  <   >  >>