للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُو إقامةٌ للحُجَّةِ في نفْسِ الوَقتِ؛ أي: تَكفُرون بِهذا مَع أنَّ أصْنامَكم لا تَفْعَلُه.

وقولُه: {لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} قال المُفسِّرُ: [الأحَد والاثنين]؛ لأنَّ أوَّلَ يومٍ ابتَدأ فيه اللهُ الخَلْقَ الأحَدُ.

وقولُه: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} الواوُ حرْفُ عطْفٍ، و"تَجعَلُون" مَعطُوفةٌ على "تَكفُرون"، لا على الصِّلةِ يَعني: لا على "خَلَقَ".

وقولُه: [{وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} شركاء]، أنْدادًا جَمْع نِدٍّ، والنِدُّ في الأصْلِ هُو المُساوي والمُماثِلُ، يُقالُ: هَذا نِدُّ هَذا؛ أيْ: مُماثِلٌ له ونَظِيرٌ له، والمُرادُ بِهم هُنا: الشُّركاءُ الَّذِين يعبُدُونهم كما يَعبُدون اللهَ، والعَجَبُ أنَّ هؤُلاء المُشرِكين مِن سَفَهِهم يَقولون: إنَّما نعْبُدُهم لِيُقرِّبونا إلَى اللهِ، تَعْبدُونهم مَع اللهِ وتَقُولون: يُقرِّبونا إلَى الله؟ ! إنَّ الله غنِيٌّ عنْ هذا، وهَذا لا يَزيدُكم مِن الله إلَّا بُعدًا.

وقولُه تَعالَى: {ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، ذلِك، أَتَى باسِم الإشارة دُون الضَّمِير، ثمَّ جعَلَها إشارةَ بُعدٍ للتَّعْظيمِ والتَّفخيمِ والتَّعلِيةِ، لأنَّ البُعدَ هُنا إشارةٌ إلَى المَكانِ العالي {ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، ولَو قال: "هُو ربُّ العالمَين" استَقام الكَلامُ، لكِن لمْ يَحصُل ما تدلُّ علَيْه الإشارةُ مِنَ التَّعظيمِ، ثمَّ ما يدُلُّ علَيْه صِيغَةُ البُعدِ منَ العُلُوِّ. ونظِيرُ ذلِك: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ١ - ٢]، ولمْ يَقُلْ: "هوَ الكِتابُ"، ولا: "هَذا الكِتابُ"، إشارةً إلَى ما ذكَرنا.

قولُه: {ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} قال المُفسِّرُ: [مالِك] وفِي هَذا التَّفسير قُصورٌ، بلْ نقُولُ: خالِقٌ ومالِكٌ ومدبِّر؛ لأنَّ الرُّبوبيَّةَ هِي الجلْقُ والمُلكُ والتَّدبِيرُ، فإذا قُلنا: مالِكٌ، صار في هذا قُصُورٌ، فقَولُه: {ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أي: خالِقُهم ومالِكُهم ومدبِّرُ أمُورِهم.

<<  <   >  >>