للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ قال: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} فيَكونُ الباقِي؛ الثُّلاثاء والأرْبِعاء، فتكونُ الأرْضُ خُلِقتْ وقُدِّر فِيها الأقْواتُ في أرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

قال الله تَعالى: {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [مَنْصُوبَةٌ على المَصدَرِ؛ أي: اسْتوَتِ الأربَعَةُ اسْتِواءً لا تَزِيدُ ولا تنْقُصُ]، فأفادَنا بقَوْلِه: "استَوَتِ استِواءً"؛ أنَّ سواءً مَنصُوبةٌ على المَصدَرِ؛ وفِيه تجَوُّزٌ لأَنَّنا إذا قُلنا "سَواءً" مَصْدرُ "اسْتَوى"، فإنَّه لا يَستَقِيمُ مَع القاعِدةِ؛ لأنَّ القاعِدةَ: أنَّ المَصدَرَ ما وافَقَ الفِعْلَ في حروفِه، وهنا "استوى" لا توافقها "سواء"، بَلِ الَّذي يُوافِقُها "اسْتِواء".

إذَنْ "فسَواء" تَكونُ اسْمَ مَصْدرٍ، مِثْل: (كَلَّم)، والمَصدَرُ (تَكلِيم)، واسْمُ المَصدَر (كَلام)؛ فَهُنا (اسْتَوَى)، والمَصدَر (اسْتِواءٌ)، واسْم المَصدَر (سَواءٌ).

المُهمُّ أنَّ قوْلَه: "سواء" يَعنِي: أنَّ هَذا الخَلْقَ استَوْعَب الأرْبَعةَ كلَّها، فلَم يَكُن في يوْمَين أو ثلاثَةٍ، بلْ في الأَيَّامِ الأرْبَعةِ كلِّها، فعلى هَذا يَكونُ قوْلُه: [مَنصُوبٌ على المَصدرِ] الصَّوابُ: أنْ يُقالَ على أَنَّه مَفعُولٌ مُطلَق؛ أي: استَوَتِ الأرْبَعُةُ استِواءً لا تَزيدُ ولا تنْقُصُ.

وقَولُه: [{لِلسَّائِلِينَ} عَن خَلْقِ الأرْضِ بِما فِيها]. قوْلُه: [{لِلسَّائِلِينَ} هذِه لا تظُنَّ أنَّها مُتعلّقةً بسَواءٍ، بَلْ هِي جوابٌ لخبرٍ مَحذُوفٍ؛ أيْ: هَذا جوابٌ للسَّائِلِين، أوْ نحْوٍ مِن هذِه الكَلِمةِ.

المُهمُّ أنَّ قوْلَه: {لِلسَّائِلِينَ} يُفيدُ أنَّ ما ذُكِر جواب لمِن سَأَل عَن خلْقِ الأرْضِ وتَقْدِيرِ أقواتِها: بأنَّها في أرْبَعَةِ أيَّامٍ سواءً.

مَسْألَة: ما الحِكْمَةُ فِي: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ السَّماءَ والأرْضَ وقَدَّمَ السَّماءَ على الأرْضِ؟

<<  <   >  >>