قالَ: حمِدني عبدي ... " إلى آخرِ الحديثِ (١)؛ فبَدأ بقولِه:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. ثانيًا: أنَّ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يَجهرُ بها في القِراءةِ الجهْريَّةِ على القولِ الرَّاجِحِ، ولو كانتْ منَ الفاتِحةِ لجَهَرَ بها، كما يَجهرُ ببقيةِ الآياتِ.
رابِعًا: أنَّ قولَه تَعالى: "قَسمْتُ الصَّلاةَ بيني وبين عَبْدي نِصفيْن"، هي نِصفٌ في السِّياقِ ونِصفٌ في المعنى، ولا يتمُّ ذلك إذا جعلْنا البسْملةَ منها؛ فقولُه:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هذِه للهِ، و {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ثلاثُ آياتٍ للهِ؛ و {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} للعبدِ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} للعبدِ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} للعبدِ؛ إذَن: ثَلاثٌ وثَلاثٌ.
وقوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} صارتْ بينهما كما جاء في الحَديثِ: "هَذا بيني وبين عبدي"، فصارتْ ثَلاثَ آياتٍ ونصفًا مِنْها للهِ، وثلاثَ آياتٍ ونصفًا للعبد، ولو قُلنا: إنَّ البَسْمَلةَ مِنْها، ما اسْتَقامَ هذا.
خامِسًا: أنك إذا جَعَلْت البَسْمَلة مِنَ الفاتِحةِ صارتِ الآيةُ الأخيرةُ طويلةً لا تتَناسَبُ مَع ما قبلها؛ لأنه ستكونُ الآياتُ الأخيرةُ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} , وهذه لا تتَناسَبُ مَع قولِه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أو {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، فهو خِلافُ البلاغةِ.