خلافته فقربه وعظمه، ثم قال له عظني: فوعظه بمواعظ منها: قوله: إن لهذا الأمر الذي في يدك لو بقي في يد غيرك لم يصل إليك، فاحذر ليلة يوم لا ليل بعده، فلما أراد النهوض قال له: قد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، فقال: لا حاجة لي فيها فقال: والله تأخذها فقال والله لا آخذها.
وكان المهدي ولد المنصور حاضراً، وقال يحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت فالتفت عمرو إلى المنصور وقال: من هذا الفتى؟ قال هذا المهدي ولدي وولي عهدي، قال: أما لقد ألبسته لباساً هو لباس الأبرار وسميته باسم ما استحقه ومهدت له أمراً أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه، ثم التفت عمرو إلى المهدي وقال: يا ابن أخي إذا حلف أبوك أحنثه عمك، لأن أباك أقوى على الكفارة من عمك، فقال له المنصور هل من حاجة؟ قال لا تبعث إلي حتى آتيك قال إذن لا تلقاني، قال هي حاجتي ومضى فأتبعه المنصور طرفه.
وقال:
كلكم يمشي رويد ... كلكم طالب صيد
غير عمرو بن عبيد توفي عمرو بن عبيد سنة أربع وأربعين ومائة وهو راجع من مكة بموضع يقال له مران.
ورثاه المنصور بقوله
صلى الإله عليك من متوسد ... قبراً مررت به على مران
قبراً تضمن مؤمناً متحققاً ... صدق افله ودان بالفرقان
لو أن هذا الدهر أبقى صالحاً ... أبقى لنا عمرواً أبا عثمان
قال ابن خلكان: لم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه ومران بفتح الميم وتشديد الراء موضع بين مكة والبصرة.
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان عند ذكر حماد عجرد ما صورته: إن حماداً كان ماجناً خليعاً متهماً في دينه بالزندقة، وكان بينه وبين أحد الأئمة الكبار مودة، ثم تقاطعا فبلغه أنه ينتقصه فكتب إليه هذه الأبيات.
إن كان نسكك لا يتم ... بغير شتمي وانتقاصي
فاقعد وقم بي كيف ... شئت؟ مع الأداني والأقاصي
فلطالما شاركتني ... وأنا المقيم على المعاصي
أيام نأخذها ونعطي ... في أباريق الرصاص
ويقال: إن الإمام المذكور هو أبو حنيفة