للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع بعض الزهاد في يوم من الأيام شخصاً يقول: أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة.

فقال له الزاهد: يا هذا، إقلب كلامك، وضع يدك على من شئت.

لكاتبهما

وثقت بعفو الله عني في غد ... وإن كنت أدري أنني المذنب العاصي

وأخلصت حبي في النبي وآله ... كفا في خلاصي يوم حشري إخلاصي

في الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم أنه يفتح للعبد يوم القيامة كل يوم من أيام عمره أربعة وعشرون خزانة، عدد ساعات الليل والنهار، فخزانة يجدها مملوءة نوراً وسروراً، فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور وما لو وزع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه، ثم يفتح له فيها خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة، فيناله عند مشاهدتها من الجزع والفزع، ما لو قسم بين أهل الجنة لنغص عليهم نعيمها. وهي الساعة التي عصى فيها ربه؛ ثم يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسره ولا ما يسؤوه، وهي الساعة التي نام فيها أو الشغل فيها لشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن والأسف على فواتها ما لا يوصف، حيث كان متمكناً من أن يملأها حسنات، ومن هذا قوله تعالى: " ذلك يوم التغابن ".

في الأعراف: " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ".

قال في الكشاف: فيه دليل بين أن الجن لا يرون، ولا يظهرون للإنس، وأن إظهارهم أنفسهم ليس في استطاعتهم، وأن زعم من يدعي رؤيتهم زور ومخرقة. انتهى كلامه.

وقال الإمام في التفسير الكبير: ليس فيه دليل على ذلك، كما زعمه صاحب الكشاف، فإن الجن يراهم كثير من الناس، وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأولياء من بعده. انتهى كلامه. وقريب منه كلام البيضاوي، لله در من قال: شعر

حتى م أنت بما يلهيك مشتغل؟ ... عن نهج قصدك من خمر الهوى ثمل؟

تمضي من الدهر بالعيش الذميم إلى ... وأنت منقطع والقوم قد وصلوا

وتدعي بطريق القوم معرفة ... كم ذا التواني وكم يغري بك الأمل

فانهض إلى ذروة العلياء مبتدراً ... عزماً لترقى مكاناً دونه رجل

فإن ظفرت فقد جاوزت مكرمة ... بقاؤه ببقاء الله متصل

<<  <  ج: ص:  >  >>