هجرت ولم أنو الصدود ولا الهجرا ... ولا أضمرت نفسي الصدود ولا الغدرا
وكيف؟ وفي الأحشاء نار صبابة ... تشبب لي في كل جارحة جمرا
تقول لي الأفكار لما دعوتها ... لتنظم في معمور بنيانه شعرا
بنى مسكناً باني المفاخر أم فخراً ... وجنتنا الأولى بدت أم هي الأخرى؟
أم الدار قد أجرى الوزير سعودها ... فلم تجر دار في الثرى ذلك المجرى
وتبدو صحون كالظنون فسيحة ... تقدرها حلماً فينعتها حزرا
وفي القبة العلياء زهر كواكب ... من الغرب المضروب والذهب المجرى
إذا ما سماء الطرف المحلق دونها ... رآها سماء صحف أنجمها قفرا
قصيدة أبي القاسم الزعفراني
سرك الله بالبناء الجديد ... نلت حال الشكور لا المستزيد
هذه الدار جنة الخلد في الدنيا ... فصلها وأختها بالخلود
أمة زينت لسيدها المالك ... لا زينة الفتاة السرود
حليها حسنها فقد غنيت عن ... كل مستطرف بلبس جديد
إرم المسلمين لا ذكر شداد ... بن عاد فيها ولا اسم شديد
ما تشككت أن رضوان قد حان ... ولاثم مثلها في الصعيد كل مستخدم فداء زير ... الزم الانس كل جاف شديد
خدمته الرجال بعد الأسود ... عمل الجن كل جاف مريد
فابتنوا ما لو أن هامان يدنو ... منه لم يرض صرحه للصعود
وتولى الإقبال خدمته فيه ... على الرسم فاستعان بالتسديد
قال للجص كن رصاصاً وللآجر ... لما علاه كن من حديد
فتناهى البنيان وارتفع الإيوان ... حتى أناف بالتشييد
وتبدت من فوقه شرفات ... كنساء أشرفن في يوم عيد
قسماً لا مدحت إلا ابن عباد ... بنيل الشباب والتخليد
لا لقيت الأنام إلا بوجه ... ماؤه لا يجول في جلمود
ويد ما حسرت ردني عنها ... فهي سيف يصان عن تجريد
أجمع الناس أنه أفضل الناس ... اضطراراً أغنى عن التقليد
فلهذا أعد قربي منه ... نعمة ليس فوقها من مزيد
لا ذكرت العراق ما عشت إلا ... أن أراه يؤمه في الجنود
قصيدة أبي القاسم ابن المنجم أولها
هي الدار قد عم الأقاليم نورها ... فلو قدرت بغداد كانت تزورها
فلو خيرت دار الخلافة بادرت ... إليها وفيها تاجها وسريرها
ولو قد تبقت سر من را بحالها ... لسارت إليها دورها وقصورها
لتسعد فيها يوم حان حضورها ... وتشهد دنياً لا يخاف غرورها
فما علمت عين الزمان بمثلها ... وحاشا لها من أن يحين نظيرها
يقول الأولى قد فوجئوا بدخولها ... وحبرهم تحبيرها وحبيرها
أفي كل قصر غادة وحليها؟ ... وفي كل بيت روضة وغديرها؟
فآبوا بها أثوابها من نقوشها ... فلا ظلم إلا حين ترخي ستورها
معظمة إلا إذا قيل سمكها ... بهمة بانيها فتلك نظيرها
هي الهمة الطولى أجالت بفكرها ... مباني تكسوها العلى وتعيرها
فجاء بدار دارة السعد نجمها ... وجنبت المحذور ليس بطورها
وقال لها الله الوفي صفاته ... سأحميك ما ضم الليالي كرورها
أهنيك بالعمران والعمر دايم ... لبانيك ما أفنى الدهور صرورها
وقد أسجل الإقبال عمدة ملكنا ... وخطت بأعلام السعود سطورها
ودارت لها الأفلاك كيف أدرتها ... ودانت إلى أن قيل أنت مديرها