للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد: وضع بعضهم كتاباً في المفاضلة بين الورد والنرجس، كما صنف الفضلاء مفاخرات السيف والقلم. ومفاخرات البخل والكرم، ومفاخرة مصر والشام، ومفاخرة الشرق والغرب، ومفاخرة العرب والعجم، ومفاخرة النثر والنظم. ومفاخرة الجواري والمردان، وكل ذلك يمكن الإتيان بالحجة من وجه. وأما المفاخرة المسك والزباد فما للعقل فيه مجال، وللجاحظ في ذلك رسالة بديعة.

لأبي تمام في المفاخرة

جرى حاتم في حلبة منه لو جرى ... بها القطر قال الناس أيهما القطر؟

فتى أذخر الدنيا أناساً ولم يزل ... لها باذلاً فانظر لمن بقي الذخر

فمن شاء فليفخر بما شاء من ندى ... فليس لحي غيرنا ذلك الفخر

جمعنا العلى بالجود بعد افتراقها ... إلينا كما الأيام يجمعها الشهر

وعند أكثر الناس أن أبا تمام، كان أبوه نصرانياً، يقال: له نندوس العطار، من حاسم جاسم قرية من قرى حوران بالشام فغير اسم أبيه.

قال صاحب الأغاني: إن رجلاً قال لجرير من أشعر الناس؟ قال: قم حتى أعرفك الجواب فأخذ بيده وجاء إلى أبيه عطية، وقد أخذ عنزاً له فاعتقلها وعل يمتص ضرعها فصاح به اخرج يا أبت، فخرج شيخ رميم ذميم رث الهيئة وقد سال لبن العنز على لحيته، فقال ترى هذا؟ قال: نعم، قال أو تعرفه؟ قال: لا قال: هذا أبي أفتدري لم كان يشرب من ضرع العنز؟ قال: لا، قال: مخافة من أن يسمع صوت الحلب فيطلب منه، ثم قال: أشعر الناس من فاخر بهذا الأب ثمانين شاعراً: وقارعهم فغلبهم جميعاً.

قال: أبو الدر مؤدب سيف الدولة أبياتاًك وزنها هذا شعر:

يا عاذلي كف الملام عن الذي ... أضناه طول سقامه وشفائه

إن كنت ناصحه فداو سقامه ... وأعنه ملتمساً لأمر شفائه

حتى يقال بأنك الخل الذي ... يرجى لشدة دهره ورخائه

أولا فدعه فما به يكفيه من ... طول الملام فلست من نصحائه

نفسي الفداء لمن عصيت عواذلا ... في حبه لم أخش من رقبائه

فقال أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي إجازة لهذه:

عذل العواذل حول قلبي التائه ... وهو الأحبة منه في سودائه

يشكو الملام إلى اللوائم حرة ... ويصد حين يلمن عن برحائه

وبمهجتي يا عاذل الملك الذي ... أسخطت أعذل منك في إرضائه

إن كان قد ملك القلوب فإنه ... ملك الزمان بأرضه وسمائه

الشمس من حساده والبدر من قرنائه ... والنصر من رقبائه والسيف من أسمائه

أين الثلاثة من ثلاث خلاله ... من حسنه وإبائه ومضائه

مضت الدهور وما أتين بمثله ... ولقد أتى فعجزن عن نظرائه

فاستزاده سيف الدولة فقال

القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه

فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسماً به وبحسنه وبهائه

أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه

عجب الوشاة من اللحاة وقولهم ... دع ما نراك ضعفت من إخفائه

ما الخل إلا من أود بقلبه ... ورأى بطرف لا يرى بسوائه

إن المعين على الصبابة بالأسى ... أولى برحمة ربه ورجائه

مهلاً فإن العذل من إسقامه ... وترفقاً فالسمع من أعضائه وهب الملامة كاللذاذة في الكرى ... مطرودة بسهاده وبكائه

لا تعذل المشتاق في أشواقه ... حتى تكون حشاك في أحشائه

إن المحب مضرجاً بدموعه ... مثل القتيل مضرجاً بدمائه

والعشق كالمعشوق يعذب قربه ... للمبتلى وينال من حوبائه

لو قلت للدنف الحزين فديته ... مما به لأغرته بفدائه

وفي الأمير هوى العيون فإنه ... ما لا يزول ببأسه وسخائه

يستأسر البطل الكمي بنظرة ... ويحول بين فؤاده وعزائه

إني دعوتك للنوائب دعوة ... لم يدع سامعها إلى أكفائه

فأتيت من فوق الزمان وتحته ... متصلصلاً وأمامه وورائه

طبع الحديد فكان من أجناسه ... وعلي المطبوع من آبائه

من للسيوف بأن تكون سميها ... في أصله وفرنده ووفائه

قال الله تعالى: " يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس " قال الصفدي: ذهب بعض من الناس إلى أن المراد بهذه الآية أهل البيت وبنو هاشم، وأنهم النحل وأن الشراب القرآن والحكمة، وذكر هذا بعضهم في مجلس المنصور أبي جعفر، فقال بعض الحاضرين: جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم. فأضحك من في المجلس.

قوله تعالى: " فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلاملك كريم " قال وهب: بلغني أن نساء مصر اللاتي فتن به في ذلك المجلس وقلن حاش لله ما هذا بشراً. قال محمد بن علي أردن. ما هذا أهل أن يدعى للمباشرة، بل مثله منزه

<<  <  ج: ص:  >  >>