القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحق منك بجفنه وبمائه
فومن أحب لأعصينك في الهوى ... قسما به وبحسنه من أعدائه
أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة يفيه من أعدائه
عجب الوشاة من اللحاة وقولهم ... دع ما نراك ضعفت عن إخفائه
ما الخل إلا من أود بقلبه ... وأرى بطرف ولا يرى بسوائه
إن المعين على الصبابة بالأسى ... أولى برحمة وبها إخائه
مهلا فإن العذل من أسقامه ... وترفقا فالسمع من أعضائه
وهب الملامة في اللذاذة كالكرى ... مطرودة بسهاده وبكائه
إني دعوتك للنوائب دعوة ... لم يدع سامعها إلى أكفائه
فأتيت من فوق الزمان وتحته ... متصلصلا وأمامه وورائه
طبع الحديد فكان من أجناسه ... وعلى المطبوع من آبائه
من للسيوف بأن تكون سميها ... في أصله وفرنده ووفائه
قيل: كان لبدر بن عمار، وهو ممدوح المتنبي في بعض أشعاره منشي أعور يعرف بابن كروس ويحسد أبا الطيب ويشنأه، لما كان يشاهد من سرعة خاطره، ومبادرة قوله، لأنه لم يجر في المجلس شيء بتة إلا ارتجل فيه شعراً، فقال لبدر بن عمار يوماً أظنه ما أظنه يعمل هذا قبل حضوره وبعد، ومثل هذا لا يجوز أن يكون، وأنا أمتحنه بشيء أحضره للوقت، فلما كمل المجلس ودارت الكؤوس أخرج لعبة قد استعدها ولها شعر في طولها تدور على لولب إحدى رجليها مرفوعة، وفي يدها طاقة ريحان تدار فإذا وقفت حذاء إنسان شرب، فوضعها من يده ونقرها فدارت فقال أبو الطيب: