وجارية شعرها شطرها ... محكمة نافذ أمرها
تدور وفي يدها طاقة ... تضمنها مكرهاً شبرها
فإن أسكرتنا ففي جهلها ... بما فعلته بنا غدرها
فأدبرت فوقفت حذاء أبي الطيب فقال:
جارية ما لجسمها روح ... بالقلب من حبها تباريح
في يدها طاقة تشير بها ... لكل طيب من طيبها ريح
سأشرب الكأس من إشارتها ... ودمع عيني في الخد مسفوح
وأداراها بيده فوقفت حذاء بدر، فقال أبو الطيب عند ذلك شعراً:
يا ذا المعالي ومعدن الأدب ... سيدنا وابن سيد العرب
أنت عليم بكل معجزة مفخرة ... فلو سألنا سواك لم يجب
أهذه قابلتك راقصة ... أم رفعت رجلها من التعب
وقال في تلك الحال
إن الأمير أدام الله دولته ... لفاخر كسيت فخراً به مضر
في الشرب جارية من تحتها خشب ... ما كان والدها جن ولا بشر
قامت على فرد رجل من مهابته ... وليس تعلم ما تأتي وما تذر
وأديرت فسقطت فقال له بديهاً:
ما نقلت في مشية عند مشيها قدماً ... إلا اشتكت من دوارها ألما لم أر شخصاً من قبل رؤيتها ... يفعل أفعالها وما عزما
فلا تلمها على تواقعها ... أطر بها أن رأتك مبتسما
فمدحها بشعر كثير وهجاها بمثله، ولكنه لم يحفظ، فخجل ابن كروس الأعور وأمر بدر برفعها، فرفعها فرفعت، فقال أبو الطيب شعراً:
وذات غدائر لا عيب فيها ... سوا أن ليس تصلح للعناق
إذا هجرت فعن غير اختيار ... وإن زارت فعن غير اشتياق
ثم قال أبو الطيب: ما حملك على ما فعلت، فقال له بدر: أردت نفي