وحكي لي بعض الأفاضل عن بعض الحكام في المدن الكبار أنه ألقى درساً في هذه الآية الكريمة وقال: قال في حق أهل جهنم إنهم لما جاؤها فتحت أبوابها على التعقيب لأن الفا للتعقيب لم يمهلوا الدخول بل أدخلوها على الفور، وأما أهل الجنة فإنهم لم يضطروا إلى الدخول، بل أمهلوا لأنه قال: وفتحت قلت: انظروا إلى هذه الغفلة في الأولى والثانية كونه ظنها أولاً خارجة عن الكلمة ولم تكن من أصلها، ووجدها ثابتة في الثانية فلم ينكرها ويقول: هذه هي تلك الحمد لله واهب العقل انتهى.
ما سمع في الكسل أبلغ من قول هذا القائل:
سألت الله يجمعني بسلمى ... أليس الله يفعل ما يشاء؟
ويبطحها ويطرحني عليها ... ويدخل ما يشاء فيما يشاء
ويأتي من يحركني بلطف ... شبيه الزق يحمله السقاء ويأتي بعد ذاك سحاب غيث ... يطهرنا وليس بنا عناء
سار سيف الدولة نحو ثغر الحدث لبنائها. وقد كان أهلها أسلموها بالأمان، فركب لهم وأسر خلقاً كثيراً منهم، وانهزم لدمشق وأقام عليها حتى وضع آخر شرافه بيده فقال: أبو الطيب وأنشدها بعد الواقعة:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الدولة الجيش همه ... وقد عجزت عنه الجيوش الحضارم
ويطلب عند الناس ما عند نفسه ... وذلك ما لا تدعيه الضراغم
تفدي أتم الطير عمراً سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم
وما ضرها خلق بغير مخالب ... وقد خلقت أسيافه والقوائم
هل الحدث الحمراء تعرف لونها؟ ... وتعلم أي الساقيين الغمايم؟
سقتها الغمام الغر قبل نزوله ... فلما دنى منها سقتها الجماجم
بناها فأعلى والقنا يقرع القنا ... وموج المنايا حوله متلاطم
وكان بها مثل الجنون فأصبحت ... ومن جثث القتلى عليها تمائم