لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى؟ وقد ولت على عجل
غالي بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل السيف أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل
هذا جزاء امرء أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأمل
وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدي عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل
فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل
وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وشأن صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل؟
إن كان ينجع شيئاً في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سؤر عيش صفوه كدر ... أنفقت عمرك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأعوان والخول
إقنع تجل ولا تطمع تذل ولا ... تعجل تزل ولا تغتر بالمهل
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... وهل سمعت بظل غير منتقل؟
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي اصمت منجاة من الزلل قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
لشهاب الدين ابن عنيز الوراق
شكا ابن المؤيد من عزله ... وذم الزمان وأبدى السفه
فقلت له لا تذم الزمان ... فتظلم أيامه المنصفه
ولا تعجبن إذا ما صرفت ... فلا عدل فيك ولا معرفه