وكل امرىء يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب
وأنت مع الله في جانب ... قليل الرقاد كثير التعب
كأنك وحدك وحدته ... وأن البرايا با أبن وأب
قال مسلم بن الوليد يمدح ابن مزيد الشيباني شعراًك
تراه في الأمن في درع مضاعفة ... لا يؤمن الدهر إن يدع على عجل
لا يعبق الطيب خديه ومفرقه ... ولا يمسح عينيه من الكحل
يقال: إن هارون الرشيد لما سمع هذا البيت وفهم أنه لمن وفيمن، طلب ابن مزيد فأحضر وعليه ثياب ملونة ممصرة فلما نظره الرشيد في تلك الحال قال: أكذبت شاعرك يا ابن مزيد؟ قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال في قوله: تراه في الأمن الخ، فقال: لا والله ما أكذبته، وإن الدرع علي، ما فارقني، وكشف ثيابه فإذا عليه درع. فأمر الرشيد بحمل خمسين ألف دينار إلى مزيد وخمسة آلاف دينار إلى مسلم، ويقال: إنه لما سمع البيت قال: منعي من الطيب وأرهقني باقي عمري، فما رؤي بعد ذلك ظاهر الطيب ولا مكتحلاً: ويقال إنه كان أعطر الناس في زمانه، وكان يقول: الله بيني وبين مسلم، احرمني أحب الأشياء.