قال الصفدي: اشتمل قوله قوم إلى آخره على معايب: أولها أنهم لا يعطون للضيف شيئاً حتى يرضى بنباح كلابهم فيستنج منها، وثانيها إن لهم نار قليلة لفقرهم تطفى ببول امرأة، وثالثها أن أمهم تخدمهم فليس لهم خدم غيرها، ورابعها أنهم كسالى عن مباشرة أمورهم حتى تقوم بها أمهم، وخامسها أنهم عاقون لوالدتهم بحيث أنهم يمتهنونها في الخدمة وسادسها عدم أدبهم لأنهم يخاطبون أمهم هذه المخاطبة التي تستحي الكرام الإلتفات بها، وثامنها أنهم جبناء لا يرقدون لأنهم مستيقظون يسمعون الحس الخفي من البعد وتاسعها قذارتهم لأنهم لا يتألمون بما يصعد من رائحة البول إذا وقع في النار، وعاشرها إلزام والدتهم بأن لا تبول لهم إلا بمقدار وتدخر ذلك لوقت الحاجة إليه وإلا فما كل وقت يطلب الإنسان الإراقة يجدها فتجد لذلك ألماً ومشقة من احتباس البول، حادي عشرها إفراطهم في البخل إلى غاية يشفقون معها على الماء أن تطفي به النار، وثاني عشرها أنها تأكد بهذا القول عداوة المجوس للعرب لأن الفرس يعبدونها وأولئك يبولون عليها فيؤكد الحقد. حكي أن بعض الأطباء كان في خدمة بعض الملوك في غزوة لم يكن معه وقت النصرة كاتب يرسل، فتقدم للطبيب أن يكتب إلى الوزير يعلمه بذلك، فكتب إليه: أما بعد فإن كنا مع العدو في حلقة كدائرة البيمارستان حتى لو رميت بصاقة لما وقعت إلا علي فيقال: فلم تكن إلا كنبضة أو نبضتين حتى لحق العدو بحران عظيم، فهلك الجميع بسعادتك يا معتدل المزاج. قريب من هذا قول من كان يعرف الرياضي حين احتضر: اللهم يا من يعلم قطر الدائرة، ونهاية العدد، والجذر الأصم، أقبضني إليك على زاوية قائمة، واحشرني على خط مستقيم