قيل لرابعة العدوية لم ترتجين وأكثر ما ترتجين؟ فقالت: بيأسي من جل عملي.
من بدائع التشبيهات الواقعة من العرب العرباء ما حكاه الفرزدق، قال: لما أنشد عدي بن الرقاع قصيدته التي أولها: عرف الديار توهماً فاعتادها كنت حاضراً فلما وصل إلى قوله: تزجى أغن كان أبرة روقه قلت قد وقع ماذا عسى أن يقول: وهو أعرابي جاف ورحمته، فلما قال: قلم أصاب من الدوات مدادها استحالت الرحمة حسداً.
زعم قوم أن وضع نعم وبئس للإقتصاد في المدح والذم، وليس كذلك بل وضعها للمبالغة في ذلك، ألا ترى قوله تعالى في تمجيد ذاته، وتعظيم صفاته؟ " واعتصموا بالله هو موليكم نعم المولى ونعم النصير " وقال في صفة النار: " ومأويهم جهنم وبئس المصير ". في الكشاف في قوله تعالى:" إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات " فإن قلت: هل من فرق بين إيقاع سمان صفة للمميز وهو البقرات دون المميز، وهو سبع؟ وأن يقال: سبع بقرات سماناً؟ قلت: إذا أوقعتها صفة لبقرات فقد قصدت إلى تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن، ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهن لا بجنسهن، ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تميز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها، ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن. فإن قلت: هل يجوز أن يعطف قوله وأخر يابسات على سنلات خضر؟ فيكون مجرور المحل. قلت: يؤدي إلى تدافع وهو أن عطفها على سنبلات خضر تقتضي أن يدخل في حكمها، فيكون معها مميزاً للسبع المذكورة، ولفظ الآخر تقتضي أن يكون غير السبع، بيانه: إنك تقول عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر، فيصح، لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بالقيام والقعود، على أن بعضهم قيام وبعضهم قعود؛ فلو قلت: عنده سبعة رجال قيام، وآخرين قعود، تدافع، ففسد.