جلست بازائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس حوله قوم قيام. فقال هشام عظني. فقال طاوس: سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: إن في جهنم حيات كالتلال، وعقارب كبالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام وهرب. قيل لبعض الزهاد: إلى أي شيء أفضت بكم الخلوة؟ فقال: إلى الأنس بالله تعالى. قال سفيان بن عيينة: رأيت إبراهيم بن أدهم في جبال الشام، فقلت: يا إبراهيم تركت خراسان؟ فقال: ما تهنأت بعيشي إلا هنا، أفر يديني من شاهق إلى شاهق. لبعضهم في العزلة:
(من حمد الناس ولم يبلهم ... ثم بلاهم ذم من يحمد)
(وصار بالوحدة مستأنسا ... يوحشه الأقرب والأبعد)
وقيل لقرواش الرقاشي: مالك لا تجالس أخوانك؟ فقال: إني أصبت راحة قلبي في مجالسة من عنده حاجتي. وكان الفضيل إذا رأى الليل مقبلا فرح به، وقال: أخلو فيه بربي وإذا أصبح استرجع كراهة لقاء الناس. وجاء رجل إلى مالك بن دينار فإذا هو جالس وكلب قد وضع رأسه على ركبته، قال فذهبت أطرده، فقال دعه يا هذا لا يضر ولا يؤذي، وهو خير من جليس السوء. وقيل لبعضهم ما حملك أن تعتزل عن الناس. فقال خشيت أن اسلب ديني ولا أشعر. وهذا إشارة منه إلى مسارقة الطبع واكتسابه الصفات الذميمة من قرناء السوء. مما ينسب إن المجنون، وعليه نفحة معنوية وهو قوله:
(وإني لاستغفي وما بي غفوة ... لعل خيالا منك يلقى خياليا)
(وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا)
للسودي:
(لقد غنى الحبيب لكل صب ... فأين الراقصون على الغناء)
أبو إسحق الصابي:
(إذا جمعت بين امرئين صناعة ... وأحببت أن تدري الذي هو أحذق)