البصر والمبصر. ثم ينعطف منه إليه، ولهذا تعظم الزاوية الجليدية، ويرى الشيء أعظم، لما تقرر في علم المناظر أن عظم المرئي وصغره إنما هو بعظم الزاوية الجليدية وصغرها، لا لسمك البخار، بل البعد بين البصر والكوكب وهو على الأفق أكثر مما بينهما وهو على سمت الرأس، إذا قصر الخطوط الخارجة من نقطة داخل دائرة غير مركزها إلى محيطها تمام القطر، لما بينه إقليدس بكون الانعطاف عند الأفق من أجزاء أبعد من سهم المخروط البصري بخلافة في وسط السماء ولذلك تعظم الزاوية الجليدية، وتكون رؤية الكوكب بالأفق أعظم من رؤيته في وسط السماء، مع توسط البخار بينهما في الحالين. ومنه يظهر أن الكوكب في وسط السماء كان يرى أعظم مما يرى في الأفق وأصغر مما تراه الآن لولا البخار انتهى.
من تفسير القاضي قوله تعالى:" إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " الآيات قال: من أراد أن يعرف أعدا عدوه الساعي في إماتته الموت الحقيقي، فطريقه أن يذبح بقرة نفسه التي هي القوة الشهوية حين زال عنها شره الصبا، ولم يلحقها ضعف الكبر وكانت معجبة رايقة المنظر غير مذللة في طلب الدنيا مسلمة عن دنسها لاشية بها من مقابحها بحيث يصل أثره إلى نفسه، فتحيا حياة طيبة وتعرب عما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل والوهم من التداوي والنزاع.
قوله تعالى:" ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبوراً " قال جار الله: قوله: وآتينا داود زبوراً دلالة على وجه تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في الزبور، قال تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " أقول ومن هنا يظهر وجه ضعف عطف قوله وآتينا على ولقد فضلنا إذ المراد بالبعض المفضل نبينا صلى الله عليه وسلم كما قال بعض المفسرين.
الشريف الرضى يرثو أبا إسحاق الصابي:
اعلمت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي
جبل رسى لو حر في البحر اغتدى ... من وقعه متتابع الأزباد
ما كنت أعلم قبل حطك في الثرى ... أن الثرى يعلو على الأطواد
بعداً ليومك في الزمان فأنه ... اقذى العيون وفت في الأعضاد
لو كنت تفدى لافتدتك فوارس ... مطروا بعارض كل يوم طراد
وإذا تالق بارق لوقيعة ... والخيل تفحص بالرجال بداد