فدلَّ الكلامُ على أَنَّهُ أَراد: فلئن عفوتُ لأَعفونَّ عفواً عظيماً، لأنَّ الإِنسان لا يفخر بصفحه عن ذنب حقير يسير؛ فلمَّا كان اللَّبس في هذين زائلاً عن جميع السامعين لم ينكَرْ وقوعُ الكلمة على معنيين مختلفين في كلامين مختلفَي اللَّفْظين. وقالَ الله عزّ وجلّ، وهو أصدق قيل: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ أَراد: الذين يتيقنون ذلك، فلم يذهب وهْمُ عاقل إِلى أَنَّ الله عزّ وجلّ يمدح قوماً بالشكّ في لقائه، وقالَ في موضع آخر حاكياً عن فرعون في خطابه موسى: إنِّي لأَظُنُّكَ يا مُوسَى مَسْحُوراً. وقالَ تعالى حاكياً عن يونس: وَذَا النُّونِ إذْ ذَهَبَ مُغَاضباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدرَ عَلَيْهِ، أراد: رَجَا ذلك وطمع فيه، ولا يَقُولُ مسلِم إِنَّ يونسَ تيقَّنَ أَنَّ الله لا يقدر عليه. ومَجْرَى حروف الأَضْدادِ مجرى الحروف التي تقعُ على