الدين، وأغنانا عن آراء المتنطعين، ففي كتاب الله وسنة رسوله مقنعٌ لكل من رغب أو رهب، رزقنا الله الاعتقاد السليم، ولا حرمنا التوفيق، فإذا حُرمه العبد، لم ينفع التعليم، وعرفنا أقدار نفوسنا، وهدانا الصراط المستقيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفوق كل ذي علم عليم.
وبعد حمد الله تعالى، والصلاة على رسوله، فلا يخفى أن الدين النصيحة، على الخصوص للمولى الكريم، والرب الرحيم، فكم قد زل قلم، وعثر قدم، وزلق متكلم، ولا يحيطون به علمًا، قال عز من قائل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِير}[الحج: ٨] وأنت يا عبد الرحمن! فما يزال يبلغني عنك، ونشاهد في كتبك المسموعة عليك تذكر كثيرًا ممن كان قبلك من العلماء بالخطأ؛ اعتقادًا منك أنك تصدع بالحق من غير محاباة، ولا بد من الجريان في ميدان النصح، إما لتنتفع إن هداك الله، وإما لتركب حجة الله عليك، ويحذر الناس قولك الفاسد، ولا يغرك كثرة اطلاعك على العلوم، فربَّ مبلَّغٍ أوعى له من سامع، وربَّ حاملِ فقهٍ لأفقه منه، ورب بحر كدرٍ ونهر صاف.
فلستَ أعلمَ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال له عمر: أتصلَّي على ابن أُبَي؟! فنزل القرآن:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٤]، ولو كان لا ينكر من قل علمُه على من أكثر علمه، إذًا لتعطَّل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال الله تعالى:{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}[المائدة: ٧٩] بل ينكر المفضول على الفاضل، وينكر الفاجر على الولي على تقدير معرفة الولي، وإلا فأين العنقا لتطلب؟ وأين السَّمندل ليُجلب؟ ... إلى أن قال: واعلم أنه قد كثر النكير عليك من العلماء الفضلاء، والأخيار في الآفاق بمقالتك الفاسدة في الصفات، وقد أبانوا أوهام مقالتك، وحكوا عنك أنك أبيتَ النصيحة، فعندك من الأقوال التي لا تليق بالسنة ما يضيق الوقت عن ذكرها، فذُكر عنك: أنك ذكرت في الملائكة المقربين الكرام الكاتبين فصلاً - زعمت أنه مواعظ - وهو تشقيق وتفيهق، وتكلف بشيع، خلا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلام السلف الصالح الذي لا يخالف سنة، فعمدتَ وجعلتها مناظرة معهم، فمن أذن لك في