جلس في إيوانها، وطلب القضاة والعلماء للسلام عليه، فامتثلوا أمره، وجاؤوا إليه فلم يكرمهم، وجعل يتعنتهم بالسؤال، وكان آخر ما سألهم عنه أنه قال: ما تقولون في معاوية ويزيد؟ هل يجوز لعنُهما أم لا؟ وعن قتال علي ومعاوية؟ فأجابه القاضي علم الدين القفصي المالكي: بأن عليًا اجتهد فأصاب فله أجران، ومعاوية اجتهد فأخطأ فله أجر، فتغيظ من ذلك، ثم أجاب الشرف أبو البركات الأنصاري الشافعي: بأن معاوية لا يجوز لعنهُ؛ لأنه صحابي، فقال تيمور: ما حد الصحابي؟ فأجاب القاضي أنه من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال تيمور: فاليهودُ والنصارى رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأجاب بأن ذلك بشرط كون الرائي مسلمًا، وأنه رأى في حاشية على بعض الكتب أنه يجوز لعن يزيد، فتغيَّظَ لذلك، ولا عتب عليه إذ تغيظ، فالتعويلُ في مثل هذا الموقف العظيم في مناظرة هذا الطاغية الكبير، في ذلك الأمر الذي ما زالت المراجعة به بين أهل العلم في قديم الزمان وحديثه على حاشيةٍ وجدها على بعض الكتب مما يوجب الغيظ، سواء كان محقًا، أو مبطلاً. وقد سألهم في هذا الموقف، أو في موقف آخر بمسألة عجيبة، فقال ما مضمونه: أنه قد قتل مِنَّا ومنكم من قُتل، فمن في الجنة، ومن في النار؟ هل قتلانا أو قتلاكم؟ فقال بعض العلماء الحاضرين وهو عالم بلاد الروم: هذا سؤال قد سُئل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستنكر "تيمور" ذلك، وقال: كيف قلت؟ قال: ثبت في الحديث الصحيح: أن قائلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله! الرجلُ يُقاتل حَمِيَّةً، ويقاتلُ شجاعة، ويقاتلُ ليرى مكانُه، فقال:"من قاتل لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، فهو في الجنة"، أو كما قال، فلما سمع تيمور هذا الجواب، أعجبه وأطربه - ولله در هذا المجيب؛ فلقد وفقه الله في هذا الجواب، وهكذا فلتكن جوابات العلماء، لا كما قال القاضي شرف الدين: إنه رأى في حاشية! ومن رام الاطلاع على أحواله، فليرجع إلى كتاب سيرته، انتهى
= مليونًا تقريبًا، وهذا العدد ثمن مجموع سكان الهند. وفي عصرنا هذا؛ أي: عام ١٩٦٢ م نشبت حرب بين الهند والصين، فأوقعت الذعر في قلوب أرباب الحكم مما جعلتهم أن يعطفوا على المسلمين بعض العطف في الظاهر، والله عزيز ذو انتقام.