الكتب في هذا المذهب، وثبت عليه إلى أن مات، وكان له تعلُّق بالأدب، وشنَّع عليه الفقهاء، وطعنوا فيه، وأقصاه الملوك، وأبعدوه عن وطنه.
قال صاعد في "تاريخه": كان ابن حزم أجمعَ أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعَهم معرفةً، مع توسُّعه في علم اللسان، والبلاغة، والشعر، والسير، والأخبار.
قال الذهبي: وكان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن، وسَعَة العلم بالكتاب والسنة، والمذاهب والمِلل والنِّحَل، والعربية والآداب، والمنطق والشعر، مع الصدق والديانة، والحشمة والسؤدد والرئاسة والثروة، وكثرة الكتب.
قال الغزالي: وجدت في أسماء اللَّه تعالى كتابًا لابن حزم يدل على عِظَم حفظه، وسيلانِ ذهنه، انتهى.
وعلى الجملة: فهو نسيجُ وحدِه لولا ما وُصف به من سوء الاعتقاد، والوقوع في السَّلف الذي اثار عليه الانتقاد، سامحه اللَّه تعالى.
قال محرر هذه السطور - عفا اللَّه عنه -: لم يكن موصوفًا بسوء الاعتقاد كما زعم المَقَّري، بل كانت عقيدته الكتابَ والسنة والمحصنة، وهذه فضيلةٌ لا يساويها فضيلة، وأما وقوعُه في السلف، فكان ذبًّا عن الإسلام، وهو لا ينافي العلم، وعمره اثنتان وسبعون سنة، وكان كثير المواظبة على التأليف، ذكر جملة منها المقري.
وقال ابن سعيد فيه: الوزير العالم الحافظ، وشهرته تغني عن وصفه، وذكر له المَقَّري أشعارًا كثيرة بديعةَ المبنى والمعنى.
وأثنى عليه الشيخ العارف محيي الدين بن عربي، صاحب "الفتوحات المكية" كثيرًا، وقال في الباب الثالث والعشرين ومئتين، في معرفة حال التفرقة في (صفحة ٦٨٤ من النسخة المطبوعة بمصر) ما نصه: وهذه غايةُ الوصلة أن يكون الشيء عينَ ما ظهرَ، ولا يُعرف أنه هو كما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وقد عانق أبا محمدٍ بنَ حزم المحدِّثَ، فغاب الواحدُ في الآخرَ، فلم يُر إلا واحد، وهو