للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما ولي عبد الرحمن الخامس الملقبُ بالمستظهر أمرَ قرطبة، استوزر ابنَ حزم لنفسه، وقربه، ورفع منزلته، ثم قُتل عبد الرحمن المذكور، فقُبض على ابن حزم، واعتقل هو وابن عمه عبدُ الوهاب بن حزم، ثم أُطلق، فاعتزل السياسة والأَشغال المعايشة، وأكبَّ على الدرس والمراجعة، وأصاب من العلم نصيبًا جزيلًا، انتهى.

وذكرَ له مؤلفاتٍ كثيرةً سماها بأسمائها، قال: وقد أَحرق المعتضدُ بنُ عباد كتبه بإشبيلية. ومن شعره:

دَعُوني من إحراقِ رَقٍّ وكاغدٍ ... وقولوا بعلمٍ كي يرى الناس مَنْ يدري

فإنْ تُحْرِقوا القِرْطاسَ لَمْ تحرقوا الذي ... تَضَمَّنَهُ القِرطاسُ، بل هو في صَدْري

وفي كتاب "دائرة المعارف" للمعلم بطرس البستاني في ترجمته: ومن شعره:

لَئِنْ أَصبحتُ مرتحلًا بجسمي ... فَرُوحي عندَكُم أبدًا مقيمُ

ولكنْ للعيانِ لطيفُ معنًى ... لهُ سألَ المُعاينةَ الكَليمُ

وله أيضًا في المعنى:

يقول أخي شَجاكَ رحيلُ جسمٍ ... ورُوحُك ما لَها عَنَّا رَحيلُ

فقلتُ لهُ المعاينُ مطمئنٌّ ... لذا طلبَ المُعاينَةَ الخَليلُ

قال: وكانت بينه وبين أبي الوليد الباجي مناظراتٌ وماجرياتٌ يطولُ شرحها.

* ولا يخفى عليك أن كتاب "آثار الأدهار"، و"دائرة المعارف"، و"الروضة الغناء في دمشق الفيحاء"، كل ذلك من مؤلفات العلماء المسيحية، ولا مضايقة في نقلنا عنها؛ لأنها تشتمل على معارف صحيحة، ونقُول ثابتة من كتب الإسلام في تراجم الأعلام والآثار، و"الدائرة" قد احتوت على غالب طبقات العلماء، قلَّ من فات عنهم ترجمته.

وإنما أخذنا منهما في هذا الكتاب نبذة يسيرة، ولو ذهبنا نأخذ منهما الكثير،

<<  <   >  >>