الكندي عن عبادة بن نسى عنه، ولفظ المتن مرفوعًا:"إن اللَّه لم يكتب الصيام بالليل فمن صام فقد تعنى، ولا أجر له" قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الترمذي: سألت البخاري عنه فقال: ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير اهـ.
وقال الشارح في الكبير: وهذا يحتمل أنه أراد به رجالا في زمانه ويحتمل أنه أخبر بما سيكون فيكون من معجزاته، فإنه إخبار عن غيب وقع، والأول هو الملائم للسبب الآتي، وقد يقال الأقرب الثاني؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قلت: بل هذا هو الواقع بخلاف الأول، فإن ذلك حديث في قصة وهذا حديث آخر عام ظهر مصداقه الآن، فإن الدين اليوم يؤيد بالكفار أعدائه الذين قاموا على ساق للقضاء عليه وعلى أهله وبذلوا المهج والأرواح والنفس والنفيس في أن لا يبقى على وجه الأرض من يوحد اللَّه تعالى ويؤمن بحبيبه سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومع ذلك فإن الذي بيده ناصية المخلوقات وأزمة الأمور يصرفها كيف يشاء يسخرهم في مصالح الدين وإقامة كثير من شعائره وإحياء أصوله وفروعه بما لولاهم لوقع القضاء عليه، فإن من ينتمي إلى الإسلام اليوم باللغة العربية ومجرد دعوى الإسلام لو وجدوا سلطة ونفوذ أمر لقضوا عليه وقلعوه من عروقه بدعوى أن الرقي والحضارة والتمدن في خلافه، وأن الإيمان حسبه القلب ولا مزيد، ولكن لما علم اللَّه تعالى منهم ذلك سلط الكفار على الأقطار الإسلامية فامتلكوها ليبقى الدين محفوظًا، ولو عند شرذمة قليلة تقوم بهم الحجة ويثبت بهم الوعد الصادق: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على