والنذور من صحيحه: روى الزهري نحو تسعين حديثا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يشاركه فيها أحد بأسانيد جياد.
وقد تعقبه العراقي في مثاله الثاني في نكته على ابن الصلاح فعد ستة عشر نفسا تابعوا مالكا عن الزهري، وذكر أن يزيد الرقاشي تابع الزهري عن أنس في فوائد أبي الحسين الموصلي، وأن أنسا تابعه سعد ابن أبي وقاص وأبو برزة الأسلمي عند الدارقطني، وعلي بن أنجب البغدادي في المشيخة لأبي محمد الجوهري، وسعيد بن يربوع والسائب بن يزيد في مستدرك الحاكم، فقد حصلت المتابعة لمالك في شيخه وشيخ شيخه، ثم اختار ابن الصلاح استخراجا من كلام الأئمة فيما لم يخالف فيه الثقة غيره، وإنما أتى بشيء انفرد به: أن الراوي إذا قرب من ضبط تام ففرده حسن كحديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة قالت: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك"، فقد قال فيه الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف عن أبيه، وإذا بلغ الضبط التام ففرده صحيح كحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، وإن بَعُدَ عن الضبط فشاذ، قال: فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان:
أحدهما: الحديث الفرد المخالف وهو ما عرفه الشافعي.
والثاني: الفرد الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف، انتهى كلام الزرقاني في شرحه على منظومة الشيخ محمد البيقوني رحمه اللَّه تعالى.