قلت: من تهور الشارح أنه يجعل قول كل من خالف المؤلف حجة عليه لا سيما إذا كان المخالف من قرابته كالعراقى والصدر المناوى، ولو أنصف لعلم أن لكل رأيه في الحكم على الحديث، وأنه لا يلزم عالمًا تقليد مثله فكيف ولا خلاف بين قول المصنف والعراقى، فإن المصنف يحكم على الأحاديث غالبًا بالنظر إلى ذاتها، والحافظ العراقى يحكم عليها بالنسبة لطرقها، ولا يستقصى، وكذلك ابن الجوزى، بل هو مقلد محض في جل ما يحكم به على الأحاديث، وحكمه هذا الذي جعله الشارح أصلًا لحكم العراقى هو مقلد فيه لابن حبان، فإنه الذي قال ذلك في ترجمة خالد بن يزيد من الضعفاء له ونصه: خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقى من فقهاء الشام كان في الرواية ولكنه كان يخطيء كثيرًا، وفي حديثه مناكير لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه وما أقر به في نفسه إلى التعديل، وهو ممن أستخير اللَّه فيه مات سنة ١٨٥، وهو الذي روى عن أبيه عن أنس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رأيت ليلة أسرى بي. . . " فذكر الحديث ثم قال: أخبرنا به قتيبة ثنا هشام بن خالد الأزرق ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه به وليس بصحيح اهـ.
وكلام ابن حبان هذا فيه تهافت، فإنه اعترف أولًا بأنه صدوق وأمره قريب إلى العدالة، وأنه لا يعجبه خبره إذا انفرد ثم قال: إنه ليس بصحيح مع أنه لم ينفرد بالحديث، بل ورد من غير طريقه كما سأذكره، وقد وثقه أيضًا أبو زرعة الدمشقى وأحمد بن صالح المصرى والعجلى، وقال ابن عدى: لم أر من حديثه إلا كل ما يحتمل في الرواية أو يرويه ضعيف عنه فيكون البلاء من الضعيف لا منه اهـ.
وهذا الحديث رواه عنه ثقة وهو هشام بن خالد الأزرق كما سبق عند ابن حبان وكذلك هو عند ابن ماجه [٢/ ٨١٢، رقم ٢٤٣١] وكذلك رواه عنه