أبو على الصدفى في عواليه، أسنده أيضًا ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفى من طريق ابن بشكوال في ترجمته ثم قال: وهذا من غريب حديث مالك، وقد تبرأ من عهدته أبو على رحمه اللَّه.
قال في الكبير: رمز المصنف لصحته، وليس كما قال؛ فقد ضعفه مخرجه الترمذى صريحا، وقال: لم يرفعه إلا زياد بن عبد اللَّه، وهو ضعيف كثير المناكير والغرائب اهـ. وأعله ابن القطان بأن فيه عطاء بن السائب وهو مختلط.
قلت: الشارح لعدم معرفته بالحديث يظن أن اتباع ما قال الترمذى [رقم ١٠٩٧] واجب لا يتصور الخروج عنه، وذلك إنما هو في حقه وحق أمثاله لا في حق الحفاظ ذوى المعرفة والاطلاع كالمصنف، فإن له في ذلك رأيا كما للترمذى فيه رأى على أن الكل مصيب في هذا الحديث، فان الترمذى تكلم على الحديث باعتبار رجاله وحال سنده، والواقع كما قال.
والمصنف رمز للحديث باعتبار متنه الثابت من مجموع طرقه الكثيرة التي منها حديث ابن عباس الذي ذكره بعد هذا مباشرة، وصححه أيضًا لأجل هذا المعنى، لأن الحديث إذا تعددت طرده وكانت ضعيفة ضعفا قريبًا محتملا غير ناشئ عن كذب الرواة واتهامهم بالوضع، وكان المتن خاليا من النكارة الظاهرة، والغرابة التي تدل بنفسها على بطلان الحديث، كان الحديث لمجموع طرقه صحيحا لا شك فيه، لأن ما يخشى من الوهم والغلط الناشئ من سوء حفظ الراوى وقلة اعتنائه أو وجود اختلاطه، ونحو ذلك قد زال بتعدد مخارج الحديث وتباينها وارتفع ظن وقوع الغلط فيه، وروايته على غير وجهه فقوى الظن بثبوته وهو الحديث الصحيح.