بالخطأ وقبول التلقين بعد العمى وهى دعاوى يدعونها دون أن يقيم أحد منهم عليها حجة، أما ابن معين فالظاهر أنه حقد عليه لروايته أحاديث في ذم الرأى وأهله كحديث:"من قال في ديننا برأيه فاقتلوه"، وحديث:"تفترق هذه الأمة بضعا وسبعين فرقة شرها قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال"، فكان يحيى بن معين يرى أن في رواية مثل هذا تعريضا بأبى حنيفة الذي كان هو مقلدا له، وقد تكلم فيه أيضًا لأجل روايته عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سعيد مرفوعًا:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، وادعى ابن معين أن هذا باطل عن أبي معاوية، قال الدارقطنى [٢/ ٢٨٩]: فلم يزل يظن أن هذا كما قال يحيى حتى دخلت مصر فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادى المنجنيقى وكان ثقة رواه عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء وتخلص سويد اهـ.
فبان أن ابن معين إنما يتكلم بالظن الذي [لا](١) يغنى من الحق شيئًا وأنه لا ينطق عن دليل وبرهان ويحمله مخالفة المذهب على التشديد في عبارة الجرح كقوله: لو كان لى فرس ورمح لغزوت سويد بن سعيد وما كان هذا سبيله ينبغى أن يرمى ولا يلتفت إليه، وهذا حديث الفرقة قد حدث به نعيم بن حماد أيضًا، ودعواهم أن سويدا سرقه منه هو من ظنونهم التي لا تغنى من الحق، أما كونه كان يقبل التلقين بعد العمى فهذا بعد تسليم أصله لا يلزم منه أن يكون التلقين دخل عليه في جميع أحاديثه ولا سيما هذا، فإنه لا يمكن دخول التلقين فيه، لأنه يحكى فيه قصة وقعت لابن المبارك وكان هو حاضرا وشاهدا لها فكيف يدخل عليه التلقين فيما شاهده وحفظ صورته، بل لا يخلو الحال في ذلك من أمرين لا ثالث لهما إما أن يكون صادقا في ذلك، وإما أن