أخذه من قول الحافظ في اللسان: رجاله ثقات غير عبد اللَّه بن يحيى فهو آفته.
وبين الكلامين بون بعيد، فالأول: حق، والثانى: وهو كلام الشارح باطل, لأنه لما نص على كونه فيه وضاع، فلا فائدة بعد ذلك في أن ينص على أن بقيته ثقات, لأن ذلك لا يفيد الحديث قوة أصلًا، فهو من الكلام العبث تقريبًا.
أما كلام الحافظ فمعناه أن الحديث ظاهر النكارة والبطلان في نظره، ورجال السند كلهم ثقات أثبات لا يتهمون بشيء، فبقيت التهمة منحصرة فيه، فدل على أنه كذاب لأنه لو كان معه في السند ضعيف آخر أو ضعيفان لشاركاه في التهمة واحتمل أن يكون من أحدهم، بخلاف ما لو كان الجميع ثقة إلا واحدًا كهذا، فإن التهمة انحصرت فيه، فهذا وجه الفرق بين كلام الحفاظ وكلام الشارح.
ولا يشكل عليك هذا بعبارة الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد: فيه فلان ضعيف وبقيته ثقات، فإن هذا مسلوك مقبول, لأن الضعيف لا يدل وجوده في السند على وضع الحديث بخلاف الوضاع.
ثم إن كلام الحافظ في هذا الحديث غير مقبول، واتهامه لهذا الرجل وهو عبد اللَّه بن يحيى السرخسى بهذا الحديث باطل، فإنه لم ينفرد به، بل ورد الحديث من غير طريقه، وذلك مما يستغرب من الحافظ كما يستغرب من المصنف اقتصاره على عزو الحديث إلى ابن عساكر وهو عند الحاكم في تاريخ نيسابور وجماعة كما سأذكره.
ويجب أن يراجع تاريخ ابن عساكر هل هو عنده من طريق عبد اللَّه بن يحيى المذكور كما قال الشارح أم لا، فإن الشارح بلغ المنتهى في التهور وعدم التحقيق والتثبت، فإنه رتب أحاديث الميزان واللسان وجعل ذلك من مصادره