شيخنا أبي الربيع الحافظ في مشيخة ابن حبيش من تأليفه، وحدثنى بها عنه قراءةً عليه عن أبي الحسن بن موهب عن العذرى، وبين الروايتين خلاف قليل اهـ.
قلت: والحديث من أصله ليس له طريق ثابت كما ذكر أقوال الحفّاظ بذلك الشارح في الكبير.
وذكر ابن حزم في المحلى [١٣/ ٦٠، ٦٤] بعض الآثار الواردة بذلك ثم قال: وهي كلها لا شيء، ثم بيّن عللها ثم قال: فحصل مما ذكرنا أن اللفظ الذي تعلّقوا به لا نعلمه روى عن أحد أصلًا وهو: "ادرءوا الحدود بالشبهات" لا عن صاحب ولا عن تابع وإنما جاء عن بعض الصحابة مما لم يصح: "ادرءوا الحدود ما استطعتم"، وهذا لفظ إن استعمل أدّى إلى إبطال الحدود جملة على كل حال، وهذا خلاف إجماع أهل الإسلام وخلاف الدين وخلاف القرآن والسنن، لأن كل أحد هو مستطيع أن يدرأ كل حد يأتيه فلا يقيمه، فبطل أن يستعمل هذا اللفظ وسقط أن تكون فيه حجّة.
وأما اللفظ الآخر في ذكر الشبهات فقد قلنا: لا نعرفه عن أحد أصلًا إلا ما ذكرت مما لا يجب أن يستعمل، ثم لا سبيل لأحد إلى استعماله لأنه ليس فيه بيان ما هي تلك الشبهات، فليس لأحد أن يقول في شيء يريد أن يسقط به حدًّا هذا شبهة إلا كان لغيره أن يقول: ليس بشبهة، ولا كان لأحد أن يقول في شيء لا يريد أن يسقط به حدًّا: ليس هذا شبهة إلا كان لغيره أن يقول: بل هو شبهة، ومثل هذا لا يحل استعماله في دين اللَّه تعالى.
١٧٢/ ٣١٨ - "ادفِنُوا موتَاكم وسْطَ قومٍ صَالِحيَن فإن الميت يتأذَّى بجارِ السوءِ كما يتأذى الحيُّ بجارِ السُّوءِ". (حل) عن أبي هريرة.