والنصوص بانسلاخهم من الإيمان جملة واحدة لا سيما ومحمد النفس الزكية -رضي اللَّه عنه- راوى هذا الحديث قد كان خرج على بني العباس خلفاء عصر البخارى وحكامه وأولو الأمر فيه، وهم أعداء بني على وذرية الزهراء عليهم الصلاة والسلام، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
أما زعم أن ركبتى البعير في يده، فأول من تولى كبر ذلك الباطل على ما أظن هو الطحاوى في "مشكل الآثار" فإنه عقد للإشكال الوارد في هذا الحديث بابا منه فقال [١/ ١٦٨، رقم ١٨٢]:
حدثنا صالح بن عبد الرحمن بن عمرو بن الحارث الأنصارى ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى بسنده ومتنه ثم قال: فقال قائل: هذا الكلام مستحيل لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير، والبعير إنما يترك يديه، ثم أتبع ذلك بأن قال: ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه، فكان ما في هذا الحديث مما نهاه عنه في أوله قد أمره به في آخره، فتأملنا ما قال فوجدناه محال، ووجدنا ما روى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث مستقيما لا إحالة فيه، وذلك أن البعير ركبتاه في يديه، وكذلك كل ذى أربع من الحيوان، وبنو آدم بخلاف ذلك لأن ركبتهم في أرجلهم لا في أيديهم اهـ.
ولم يفعل الطحاوى شيئا سوى أنه زاد في الطين بلة، والإشكال في الحديث بحاله لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يفعل الرجل كما يفعل البعير، والبعير يبرك فيقدم يديه سواء كانت فيهما ركبتاه، أو كانتا في رجليه، فمن قدم يده في السجود فقد فعل كفعل البعير وهو منهى عنه، وآخر الحديث يأمره بتقديم يديه، فالإشكال بعينه موجود سوى أنه لم يكن مضافا إليه هذه السخافة في دعوى أن ركبة ذو الأربع كلها في يدها لا في رجلها، والذي يقتضيه النظر ويقبله العقل هو أن الحديث انقلب على الدراوردى بتفرده بتلك الزيادة فيه عن