للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: إنما القصور من الشارح الذي لا يدري دقائق الفن ولا اصطلاح أهله، فإن قول الحافظ المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح، لا يفيد أنه صحيح كما شرحت غير مرة، ولذلك عدل عن قوله: صحيح إلى قوله: رواته محتج بهم في الصحيح، وكذلك قول الحافظ الهيثمي لأن السند قد يكون رجاله رجال الصحيح ولكن فيهم من ليس في الدرجة العليا ممن هو موصوف بالوهم وذلك صفة الحديث الحسن، بل قد يكون الحديث مع ذلك ضعيفًا بل موضوعًا لوجود علة فيه، وهذا الحديث رواه الطبراني من طريق هارون بن معروف [١٠/ ١٣، ١٤، رقم ٩٧٨٧]:

ثنا مخلد بن يزيد عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن ابن مسعود به.

ومخلد بن يزيد وإن كان من رجال الصحيح إلا أنه موصوف بالوهم كما قال أحمد وغيره، وقد اضطرب فيه فمرة قال: عن بشر بن سلمان كما سبق، ومرة قال: عن مسعر.

كذلك أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق عبد الحميد بن المستهام الحراني [٨/ ٣١٥]: ثنا مخلد بن يزيد عن مسعر بن كدام عن سيار به مثله.

وهذا إنما يحكم له بالحسن كما فعل المصنف، وقد اضطرب الشارح فيه كما سيأتي في الذي بعده.

تنبيه: قال الشارح: لفظ رواية الطبراني والحلية: "ولا تزداد منهم إلا بعدا" ولكل منهما وجه صحيح، والمعنى على الأول: كلما مر بهم زمن وهم في غفلتهم ازداد قربها منهم، وعلى الثاني: كلما اقتربت ودنت كلما تناسوا قربها وعملوا عمل من أخذت الساعة في البعد عنه.

هذا ليس بصحيح لأن معنى الحديث ليس كما فهم على كلا اللفظين، لأن الحديث وقع فيه اختصار من بعض الرواة فانقلب معناه، ولفظه: "اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا فرحا، ولا يزدادون من اللَّه إلا بعدا" كما سيأتي في الحديث الذي بعده (١).


(١) وقع خرم في المخطوطة مقداره سطر واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>