للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحريري ضمّن القصيدة صدر بيت من قصيدة قيل هي للعرجي وقيل لأميّة بن أبي الصّلت، وتمام البيت هناك:

أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر

٣ - أحسن وجوه التضمين (١) «أن يزيد المضمّن في الفرع عليه في الأصل بنكتة، كالتورية والتشبيه كما في قول صاحب التحبير (ابن أبي الإصبع المصري)

إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... «تذكّرت ما بين العذيب وبارق»

ويذكرني من قدّها ومدامعي ... «فجرّ عوالينا ومجرى السّوابق»

فعجزا البيتين للمتنبّي، والمتنبي قصد بهما أنهم كانوا نزولا بين العذيب وبارق يجرون الرّماح وهم يطاردون الفرسان. أمّا صاحب التحبير فأراد بالعذيب تصغير العذب يريد به شفة الحبيبة وأراد ببارق ثغرها الضاحك شبيه البرق. وهذه تورية بديعة نادرة في بابها (٢)، وشبّه تبختر قدّها بتمايل الرماح، وتتابع دموعه بجريان الخيل السوابق.

٤ - تضمين لا يخلو من تعديل طفيف في المقتبس، مثاله:

أقول لمعشر غلطوا وغضّوا ... عن الشيخ الرشيد وأنكروه

هو ابن جلا وطلّاع الثنايا ... متى يضع العمامة تعرفوه

لقد ضمّن الشاعر قصيدته البيت الثاني مستعارا من قصيدة لسحيم بن وثيل الريّاحي محدثا فيه تعديلا طفيفا لأنّه في الأصل:

أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني

وهذا التعديل الطفيف غير مضرّ في نظر البلاغيين.


(١). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص ٥٨٢ - ٥٨٣.
(٢). راجع: التورية وضروبها، وقد تقدّم الكلام عليها.

<<  <   >  >>